الخميس 2024-12-12 10:33 ص
 

الشيخ هارون

12:43 م

تابع العالم كله، وعلى الهواء مباشرة أول من أمس، عملية احتجاز الرهائن في مقهى بمدينة سيدني الأسترالية، من قبل مهاجر من أصل إيراني يدعى 'الشيخ هارون'. العملية انتهت بمقتل الشيخ واثنين من رواد المقهى، بعد اقتحام الشرطة للمكان.اضافة اعلان

لا أريد أن أهدر وقت القراء الكرام، لكن اسمحوا لنا بدقيقتين من وقتكم لتطالعوا قائمة الجرائم التي ارتكبها الشيخ المختل، والذي نصب نفسه داعية للإسلام:
- متهم بالضلوع في قتل زوجته. وقد سجن لبعض الوقت، ونال إطلاق سراح مشروطا، ليستعيد بذلك حياته الطبيعية.
- اتهم بارتكاب جرم التحرش الجنسي بأطفال مكرر عشرين مرة، وأفلت من العقاب.
- قام بتوجيه رسائل وصفت بالعدائية لعائلات عسكريين قاتلوا في العراق، وحكم عليه بتأدية 300 ساعة عمل اجتماعي!
- مؤخرا، أعلن ولاءه لتنظيم 'داعش' الإرهابي، ولم تتعرض له السلطات الأسترالية.
شخص ارتكب كل هذه الجرائم والموبقات، نال من قبل الجنسية الأسترالية، وتمتع بصفة رجل دين ومعالج روحاني.
بلده الأصل؛ إيران، حذرت أستراليا منه. لكن القانون الأسترالي وفّر له الحماية من منطلق إنساني.
لو أن الشيخ هارون بقي في إيران، وارتكب جريمة واحدة من الجرائم السابقة، فإن الإعدام مصيره من دون شك، وفي أحسن الأحوال سيلقى به في مستشفى الأمراض العقلية إلى أن يموت.
لكنه، وبعد قرابة عقدين من الحياة في مجتمع متحضر، حظي فيه بكل الفرص لتعديل سلوكه وتجاوز ماضيه الأسود وجرائمه المقززة، اختار الانتقال إلى صف 'داعش'. وعندما اقتحم المقهى، كان أول ما حرص على إظهاره راية تشير لهذا الولاء.
لقد استُقبلت جريمة الشيخ هارون بالتنديد من مجتمع المهاجرين العرب والمسلمين في أستراليا، والذين يعدون بالملايين، ويعيشون حياة طبيعية هناك منذ عقود طويلة.
بيد أن أبناء الجاليات المسلمة في أستراليا، الذين لم يشتكوا سابقا من التمييز العنصري، سيواجهون من الآن فصاعدا متاعب على هذا الصعيد مثل أقرانهم في الدول الغربية، بفعل جريمة ارتكبها شخص مضطرب وشاذ، شاءت الصدف السيئة أن يكون من أبناء الجالية المسلمة، في وقت تعاني فيه الجاليات الإسلامية والعربية في مختلف دول العالم من خطر التحول إلى أقليات منبوذة، مع تنامي القلق من نفوذ الجماعات المتطرفة في صفوفها، والتحاق المئات من أفرادها بتنظيم 'داعش'.
قصة الشيخ هارون على ما فيها من خصوصية، تجعل منها حالة استثنائية. إلا أنها تطرح من جديد إشكالية التكيف التي يعاني منها المهاجرون العرب والمسلمون إلى الدول الغربية. وتطرح أسئلة شائكة؛ ثقافية ودينية واجتماعية، تخص الجاليات الإسلامية دون غيرها. فلماذا يجد المسلمون والعرب، دون سائر المهاجرين، صعوبات في الاندماج، بينما ينجح غيرهم في تخطي الفوارق الحضارية، والانخراط في بنية المجتمعات الجديدة؟
المفارقة تبدو أكثر حيرة حين نرى المئات يموتون غرقا في رحلة الهجرة إلى الغرب، لكن من تُكتب له النجاة ويصل شواطئ الدول الأوروبية، يبدأ بالصراخ داعيا بالموت للغرب الكافر!
في الغرب المتحضر نزعات عنصرية مقيتة، لكن المشكلة فينا أكبر.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة