الأحد 2024-12-15 06:10 ص
 

الصراع على الغاز في الساحل السوري

08:25 ص




دلت المؤشرات التي رافقت تدخل الأطراف الدولية ( والإقليمية ) في الازمة السورية على ان صراع المصالح هو الذي يجمع بين هذه الأطراف ، وان كان لكل طرف من هذه الأطراف طريقته الخاصة به لتحقيق مصالحه ، طالما ان المنطقة مستباحة ومخترقة وخالية من اي قوى (محلية) قادرة على الوقوف في وجه هذه التدخلات الخارجية المصلحية التي تستهدفها.اضافة اعلان


ورغم الإقرار بان الأسباب التي تقف خلف مثل هذه التدخلات متعددة ومتفاوتة الا انها تبقى متأرجحة بين السياسي والامني والاقتصادي، ومنها بطبيعة الحال من له علاقة بمصادر الطاقة. ما يذكرنا بما اعلنه الرئيس فلاديمير بوتين خلال حديثه عن رؤيته لروسيا عام 2020 ، عندما قال « ان قتالا ضاريا على الموارد الطبيعية يدور في انحاء العالم ، وان رائحة النفط والغاز تفوح من كثير من الصراعات وتحركات السياسة الخارجية.. حيث يجري احيانا تدمير سيادة دولة معينة ومناطق بأكملها تحت ستار تصريحات طنانة عن الحرية والمجتمع المفتوح ‹› ، في إشارة على ما يبدو للسياسة الاميركية في المنطقة وحربها على العراق وأفغانستان.

وهو ما ينطبق أيضا على صراع المصالح بين الولايات المتحدة ودول أوروبا وروسيا ، التي تسعى الى ابقاء سيطرتها واحتكارها لتصدير الغاز الى أوروبا ، للحفاظ على كونها المصدر الأكبر لهذه المادة الاستراتيجية ، ولتفويت الفرصة على بعض الدول التي تحاول منافستها في مد خطوط غاز عبر الأراضي السورية لنقلها الى السوق الأوروبي عن طريق تركيا ، وبالتالي فهي تضغط لمنع أي محاولة لايجاد مصدر بديل لها ، خاصة مع دخول منطقة حوض البحر المتوسط هذا المجال بعد ان كشفت المسوح الجيولوجية وجود احتياطات ضخمة من الغاز (والنفط) في هذا الحوض ،الذي يعتبر الاثرى في العالم. إذ دل المسح الأمريكي الذي اجري عام 2010 في منطقة حوض شرق المتوسط على وجود احتياطي يصل الى 3450 مليار متر مكعب من الغاز في المياه الإقليمية السورية.

ما يفسر اهتمام روسيا بإيجاد موطئ قدم لها في المياه الدافئة (حوض البحر المتوسط) والساحل السوري الذي تعتبره منطقة نفوذ لها ، بحيث يصبح بمقدورها السيطرة على جزء كبير من منابع الغاز ( والنفط ) الضخمة المكتشفة قبالة السواحل السورية واللبنانية والفلسطينية والقبرصية ، والتي تسعى شركات الطاقة الروسية كشركة غازبروم العملاقة الاستثمار فيها.

كذلك فان روسيا تسعى الى منع وصول الغاز القطري الى سوريا ومنها الى تركيا ومن ثم الى أوروبا التي تحاول وبسبب التوترات السياسية في اوكرانيا الى تقليل اعتمادها على الغاز الروسي.

وبشكل عام ، فان روسيا تعمل على تطويق اوروبا باقامة خطوط امدادات للطاقة لتعزيز دورها وحضورها في اوروبا وللحد من فاعلية الخطوط البديلة ، التي يسعى الغرب الى توفيرها بهدف تأمين مصادر طاقة من جنوب القوقاز الى اوروبا دون المرور بالاراضي الروسية ، مثل خط باكو جيحان تبليسي ، وخط من تركمانستان عبر بحر قزوين الى اوروبا التي وضعت خطة لخفض الاعتماد على امدادات الغاز الروسي من خلال تنويع مصادر الطاقة ، خاصة بعد انقطاع امدادات النفط الروسية الى اوروبا بسبب الازمة الاوكرانية وقبلها ازمة روسيا البيضاء (بيلاروسيا) ، بصورة انعكست سلبا على آمن موارد الطاقة في اوروبا واستقرارها.


ومع توتر العلاقات الروسية التركية فقد تراجعت روسيا عن تنفيذ مشروع ( تركيش ستريم) لمد انابيب الغاز الى تركيا كبديل عن أوكرانيا في نقل هذه المادة الى الأسواق الأوروبية. ما قاد تركيا الى التفكير بتنفيذ مشروع ( تاناب ) لنقل الغاز الاذربيجاني الى تركيا ومنها الى أوروبا ، دون ان نغفل تفكير الاتحاد الأوروبي بالتفاوض مع كل من أذربيجان وتركمانستان للوصول الى مصادر الطاقة في بحر قزوين.

ما دفع الولايات المتحدة ودول أوروبا الى التفكير الجدي بضرورة التخلص من الاحتكار الروسي للغاز ، واستبداله بالغاز السوري ، الامر الذي اعتبره البعض من الأسباب التي قادت أمريكا الى التدخل في سوريا على غرار تدخلها في العراق 2003 ، لتوفير قوة ضغط سياسية لها في المنطقة لمنع روسيا من امتلاك سيطرة اكبر في توزيع النفط والغاز في محاولة منها لتحدي روسيا وزعزعة نفوذها و هيمنتها في المنطقة.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة