. يريدنا حاملو همّ الربيع العربي، أن تتحوّل محاكمنا إلى محاكم العقيد المهداوي، أو قبله الطيب الذكر جمال سالم في مصر. حتى تصبح مكافحة الفساد قضية حقيقية. ولعلهم حتى الآن وهم يقرأون عن مصادرة أملاك مدير مخابرات سابق، بحكم قضائي استكمل درجات التقاضي وصار قطعياً.. يحسبون أن هذا خبر عادي، ولا علاقة له بمكافحة الفساد!
وفي موقع آخر من صحف أمس أن القضاء (محكمة أمن الدولة ذاتها بهيئتها المدنية) اصدر حكماً بسجن أحد أصحاب البورصات الوهمية بالحبس 18 عاماً، وتضمين مبلغ 5ر2 مليون دينار تمثل القيمة المالية للمبالغ التي استولى عليها من المواطنين! ولعل مثل هذا الحكم والاحكام السابقة، والإجراءات التي اتخذتها محكمة أمن الدولة في حماية مال المواطنين، لا يوقف اتهام الحكومات بأنها «تواطأت» مع الفساد في قضية البورصات اياها. فتحويل قضايا الفساد، والاصلاح، والفقر والبطالة إلى مادة سياسية لأحزاب عاجزة عن تقديم برامج تعالج هذه القضايا.. هي مادة هذا الربيع العربي، ولا علاقة بينه وبين بناء الدولة الحديثة ونأخذ المثل المصري. فحين أوصل الاخوان أنفسهم إلى الحكم لم يقدموا فاسداً واحداً إلى القضاء.. والذين قدموهم - وهم قلّة - صالحوا على قضاياهم بتقاسم ما نهبوه مع الدولة، ويا دار ما دخلك شر!
والأردن، وهو دولة قانون واحترام لمعنى المواطنة يتعامل مع قضايا الفساد بتطويقها قبل أن تقع أولاً أو بإحالة مرتكبيها إلى القضاء. وهذا ليس معناه أن لا فساد في الأردن، وإنما تختلف معالجته عن نصب محاكم ثورية، واعدام الناس على الشبهة، أو نهب أموالهم باسم مكافحة الفساد. وقد أقام نظام الثورة في مصر نظاماً كاملاً لتحديد ملكيات الاقطاع الزراعي، وعزل العناصر الفاسدة عن المشاركة في السياسة والحياة العامة، بآلاف الناس، ومع ذلك تحوّل النظام على يد خليفة عبدالناصر إلى أسوأ أنظمة الانفتاح فصار الفساد جزءاً من الدولة!
الذين رهنوا ذهب زوجاتهم واخواتهم ووضعوا حصيلتها بين أيدي شركات وهمية غير مرخصة، لا يحق لهم مطالبة الحكومة، مع أن المحكمة تعمل لتعويضهم، ولا يحق لهم اتهام أحد بالفساد. فالبنوك المرخصة بقرار حكومي هي المؤهلة لتقديم الخدمة لأصحاب المال، أما الذين يريدون الاثراء بفوائد وصلت إلى 25% فهؤلاء هم الذين يجب أن يحاكموا أيضاً، لأنهم موّلوا الفساد!
يقال إن الأموال التي اختلست، لا توازي النهب في بعض الشركات المساهمة العامة.. فالفوسفات ليست حكومة، وقضيتها الآن تجاوزت المائة مليون، والقضاء وصلها, وقد وقعت الحكومة اتفاقية مع الحكومة البريطانية لوصول إجراءات القضاء الأردني إلى بريطانيا. والمحاكمة الجارية سترد لشركة الفوسفات الأموال المسروقة. ولكن من يرد الذين حوّلوا الفساد من حقيقة قضائية مشروعة إلى هتاف في الشارع؟
لا يصح تحت لافتة الربيع العربي أن نفقد عقلنا وخلقنا، فالضغوط على الحكومات شيء مشروع ومطلوب، لكن زعزعة الثقة بالدولة هي جريمة، لأن الذين يخلخلون في الأساس لا يملكون البدائل ولو بالتصوّر الخيالي المطلق! فلقد ناضلت الشعوب من أجل الخلاص من الاستعمار، للوصول من الحرية إلى إقامة الدولة الوطنية! والآن باسم الاصلاح والربيع نهدم الدول ونستعيد الاستعمار!
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو