'القانون: صاحب الجلالة'، هذا اسم كتاب جديد موجود في المكتبات، يتحدث عن قيمة القانون ودوره في مسار بناء الدولة. ويستحق القانون هذا التشبيه، وعلينا تأمله جيدا. ففي الوقت الذي يحترم فيه الجميع القانون ويعملون به ويمنحونه ما يستحق من هيبة ومكانة بالفعل، يصبح صاحب الجلالة ورمز العدل الذي يطيعه الجميع ويقرون له بالطاعة، ويرتقي فوق الجميع.
هناك فكرة مهمة يجب الانتباه إليها، مفادها أنه في بداية نشأة الكيانات السياسية، وفي مراحل الانتقال التي تعقب حالات الفوضى والفلتان، كما في حالات الاسترخاء التي تضرب مفاصل حساسة في الدولة، تحتاج السلطات الثلاث إلى تكاتف خلف فكرة الجبر القانوني؛ أي ما قد يصل حد التطرف في الالتزام بتطبيق القانون من دون هوادة؛ لماذا؟ ليس لكي يستعيد القانون مكانته وحضوره فحسب، بل أيضا لفرض ثقافة الحق والشرعية والعدل وتكافؤ الفرص في سلوك الأفراد والجماعات، وفي حياتهم اليومية، حتى تتحول القواعد القانونية إلى جزء من السلوك اليومي للناس؛ أي إلى تقاليد لها قوة معنوية كبيرة قادرة على الاستمرار، حتى لو نسي الناس القانون. وهذا ما حدث بالفعل. فهناك العديد من الأمثلة على أهمية فكرة الجبر القانوي في مسار بناء الدولة، وكيف تحولت القواعد القانونية إلى تراث بعدما أصبحت جزءا من الثقافة اليومية التي يتنفسها الناس، يعد تجاوزها خروجا على ما يألفه الأفراد والجماعات، وما أصبح في حكم قوة الضبط الذاتي.
هناك حنين لهيبة القانون والنظام العام، يزداد حضوره بقوة جارفة وسط العامة؛ بعدما تيقنت الأغلبية أن تراجع مكانة الدولة والقانون يضرب مصالحها في العمق ويخدم مصالح أقلية بالفساد والاستقواء. فقد مر وقت كان فيه الصوت العالي هو الصوت المسموع في أركان الدولة، والاستقواء منهجا متبعا في تحقيق المصالح، فيما اهتزت مكانة وصورة من يقوم على تطبيق القانون. حينها كنا نسمع يوميا أخبارا وقصصا يرويها الناس بحسرة، كلها تصب في تراجع مكانة الدولة وهيبتها. هل تتعافى الدولة وتستعيد صحتها وعافيتها هذه الأيام؟ صحيح. لكن المسألة ليست في القدرة على التشدد الآني، الذي قد يصل حد الإفراط في استخدام القوة في غير موضعها، باسم القانون أو من أجل استعادة هيبة القانون.
ليس صحيحا أن 'الربيع العربي' هو الأساس في تراجع مكانة القانون في السنوات الأخيرة، فثمة مؤشرات أقدم من ذلك تدلل على وجود تربة صالحة لزراعة بذور الاستقواء على المؤسسة العامة وعلى القانون، منذ خرج أناس ضد أناس آخرين وأرادوا معاقبتهم بعيدا عن الدولة والقانون، وهو ما كنا نسميه العنف المجتمعي، منذ صيف 2008/ 2009. فيما جاء التعريف الرسمي الأردني للربيع العربي ليزيد الأمور تفاقما؛ ذلك التعريف الذي طالما برر استرخاء هياكل الدولة وترهل الإدارات الحكومية تحت عنوان 'الربيع العربي'، الأمر الذي وصل إلى إعلان بعض الإدارات الحكومية أن لديها تعليمات رسمية بتمرير المرحلة.
هل يجوز استخدام القانون كأداة سياسية قابلة للمراوغة، نتشدد في تطبيقه مرة، ونرفع أيدينا عنه في ظرف سياسي آخر؟ قد تكون هناك ظروف تبرر هذا السلوك للوهلة الأولى، لكن القانون لا يحتمل ذلك أبدا. ومتى ما تم تطويع القانون واستخدامه في إدارة الصراعات والأزمات، فإننا نفرط في أساس من أسس الحكم. فالقانون أقوى من السياسة، وأهم من الرأي العام ومن الشعبية.. إنه ملك بالفعل!
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو