-1-
تظل الفراشة تحوم حول النار عشقا وهياما، حتى تقع فيها فتخرج صوتا أشبه بالأنين، أو الصراخ، ثم ما تلبث أن تتحول إلى رماد، ترى هل كانت تعرف الفراشة هذا المصير؟ هل ثمة فلسفة غامضة تدفعها إلى اختيار الموت حبا، أو الحب موتا؟
مشهد انتحار الفراشة بالنار ألهم الشعراء والكتاب على مدار التاريخ، بل إنه تحول إلى رمز للعشاق الذين يلقون بأنفسهم في هوى يعرفون أنه يفضي إلى الهلاك، ولكنهم لا يستطيعون وقف أنفسهم من الاندفاع الأزلي إلى اللهب، وبالتالي الموت حرقا!
يقول أحد الكتاب أن الحب الحقيقي يجعلُ من فكرةِ الموتِ اعتياديةً، سهلةً، وَغير مرعبة. كما يصبحُ مادَّةً بسيطةً للمقايضة؛ الثمنَ الذي يكون الواحدُ مستعداً لدفعه لقاءَ الكثير!
سر انجذاب الفراشة إلى النار شغل علماء الطبيعة أيضا، كما شغل المبدعين، ومن غريب أن هذا الانجذاب نحو الموت المحقق، سببه الرغبة في الحياة، وهنا المفارقة الكبرى!
يقولون إن انجذاب الحشرات للضوء الطبيعي ضوء الشمس نهاراً والتي تسمى بالحشرات نهارية النشاط وانجذاب البعض الآخر من الحشرات إلى ضوء القمر والضوء الصناعي ليلاً والتي تسمي بالحشرات ليلية النشاط، هي ظاهرة سلوكية أودعها الله جلت قدرته في هذه الكائنات لتنظيم حياة هذه الحشرات، لاستمرار أنواعها في الحياة، ويزداد نشاط الفراشات في الليالي المقمرة وتتأثر بدرجات الإضاءة تبعاً لمنازل القمر، فكلما ازداد اكتمال القمر ازدادت كمية الأشعة فوق البنفسجية المنبعثة منه، وفق معطيات العلم، ثمة إشعاعات محددة من مصدر الضوء هي المسؤولة عن جذب الحشرات، وتم تأكيد الأمر بإجراء بعض التجارب التي أثبتت أن سلسلة من حزم دقيقة من الإشعاعات تحت الحمــــراء التي يبثها مصدر الضوء هي التي تنتج قوة الجـــذب، وقد أجريت هذه التجارب على الفراش، وعُرفَ أن هناك غدة عند طرف بطن الفراشة تفرز بعض الذرات تسمى الرائحة الجنسية ... وهذه المادة الكيميائية تبث أشعة تحت حمـــراء فـتنطلق في الهواء، فيلتقط ذكر الفراش الطائر على ارتفاع معين هذه الأشعة فينجذب نحو الأنثى، ولذلك فإن بعض ذكور الفراش تنجذب نحو الضوء اعتقادا منها أنه توجد أنثى في انتظارها، ولا شك أن المصابيح تـُـنتج كمية وفيرة من مثل تلك الإشعاعات وبذلك ينجذب الكثير من الحشرات الذكور نحوها فيحترقون بنارها طواعية!!
أليست مفارقة كبرى، حين تصبح الرغبة في الحياة والخلود عبر التزاوج هي نفسها الطريق نحو الموت؟
-2-
من المفهوم جيدا أن يسعى الإنسان السوي للموت في سبيل فكرة سامية طمعا في جنات النعيم، ولهذا وجدت الجيوش في الدول التي تحترم نفسها، وتسعى للحفاظ على كرامتها الوطني، ومن اجل هذا وجد الجهاد، ولكن كما توجد ذكور فراش تنجذب للضوء وتحترق به، ظنا منها أنه صادر عن أنثاها، ويعد بموسم تزاوج لذيذ، ثمة «مجاهدون» كذبة، يتوهمون أنهم يتقربون إلى الله بسفك دماء زكية لأبرياء، طمعا في جنة كاذبة، وتلك هي حكاية القتلة الذين يلغون في دم الناس، وهم يعتقدون أنهم يتقربون إلى الله بقتلهم، وهذا لعمري قمة الضلال والضياع!
ثمة فراش مخدوع، وثمة «مجاهدون» مزيفون، ووجود مثل هؤلاء، هو منتهى أمل من يقصد إضعاف الأمة، وتشويه قيمة الجهاد، الذي بدونه لا يقوم لهذه الأمة قائمة، إن مجرد ربط الجهاد بالإرهاب، انتصار كبير للباطل على الحق، وفك هذا الربط الوضيع، هو بداية طريق خلاص القوم مما هم فيه!
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو