عند مراجعة قائمة القضايا التي تابعتها هيئة مكافحة الفساد خلال السنوات القليلة الماضية، يشعر المرء بحجم الجهود التي بذلت لملاحقة الفساد والفاسدين. وقبل أن يبادر أحدنا بالسؤال عن ملفات كبيرة، يتعين عليه أن يتذكر بأن مجلس النواب قد انتزع تلك الملفات من الهيئة، ثم أغلقها تباعا. الملف الكبير الذي ظل في حوزة الهيئة كان ملف شركة الفوسفات بعد الخصخصة، وانتهى بحكم قضائي بحق المتهم الأساسي فيه، وليد الكردي. والهيئة، وإنْ كانت غير مسؤولة عن جلب المتهم الفار، لكنها متيقنة من قدرة أجهزة الدولة على استعادة ما لا يقل عن 383 مليون دولار أودعها الكردي في بنوك بريطانية.
الملفات التي أنجزتها الهيئة كثيرة، ولا تقل أهمية عن الفوسفات؛ استرداد آلاف من دونمات الأراضي التابعة للخزينة في العقبة وغيرها من مناطق المملكة. وتحصيل ملايين من أموال الخزينة المنهوبة. وتصويب اختلالات خطيرة في تشريعات وانظمة، كانت على الدوام مدخلا من مداخل الفساد، على سبيل المثال الأوامر التغييرية في العطاءات، ومشتريات الأدوية في وزارة الصحة، واستعادة أموال المساهمين في الشركات. والقائمة تطول.
كان آخر القضايا، كشف التلاعب في نتائج امتحانات أطباء الامتياز في وزارة الصحة، وتحويل المتهمين إلى القضاء. القضية لم تكن بسيطة وتتعلق بحياة آلاف المواطنين، وقد عمل فريق المحققين في الهيئة أياما وليالي لضبط التجاوزات والمتورطين فيها. بيد أن أحدا من المسؤولين أخلاقيا عما حدث لم يفكر بتقديم استقالته أو يعتذر للرأي العام عن خلل وقع في دائرة مسؤولياته.
ربما يكون من المناسب في المستقبل القريب إدخال تعديل على ميثاق النزاهة الوطنية الذي أقر مؤخرا يلزم 'أدبيا' كل مسؤول تُكتشف قضية فساد في مؤسسته تقديم استقالته احتراما لنفسه وللناس.
وفي الآونة الأخيرة تَشكل ما يمكن وصفه بتحالف بين المؤسسات المعنية بمكافحة الفساد والرقابة، أبرز أضلاعه المؤسسة العامة للغذاء والدواء التي تلعب دورا مهما دفاعا عن حق الناس بغذاء صحي ومطابق للمواصفة الأردنية ودواء آمن وغير مقلد. والطرف الثالث الذي دخل بقوة على التحالف هو مؤسسة المواصفات والمقاييس التي لم يكن أحد يكترث بدورها أو يعوّل عليها قبل أن يتولى الدكتور حيدر الزبن إدارتها. وكان آخر مواقفها المشرّفة رد شحنة أسطوانات الغاز بعد ثبوت عدم صلاحيتها بالفحوص المخبرية.
تجربة المؤسسات الثلاث المذكورة، تثبت حقيقة أساسية، وهي أن بإمكان شخص واحد يجلس على رأس مؤسسة رسمية أن يعيد الثقة الشعبية بدورها. ولا يحتاج للكثير لنيل هذا الشرف، فقط أن يؤمن بمهمته، ويتصرف برجولة كما يملي عليه ضميره، ووفق القانون.
يقول المثل إن يدا واحدة لاتصفق، وهذا قول صحيح. لكنك لاتحتاج سوى ليد واحدة لتلوّح بها ليراك الناس من حولك، ويهبوا لمساعدتك ودعمك. هذا ما حصل مع مديري تلك المؤسسات.
نأمل أن نرى أيدي مسؤولين آخرين تلوّح مثلهم، ليلتفّ حولها الناس.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو