أن يجدد الناس سنويا فكرة الحب في قلوبهم، ويعيدوا التفكير مع أنفسهم في مقدار حبهم للآخر، ومدى وأهمية وضرورة أن يحب الناس بعضهم، ويصفوا قلوبهم تجاه بعضهم البعض، فإن ذلك أمر إيجابي وجيد ومن شأنه خلق طاقات إيجابية في نفوس الناس.
أنا شخصيا مع الفكرة التي تقول أن يوم 14 شباط (فبراير) ليس للعشاق المتحابين على طريقة روميو وجوليت أو قيس وليلى فقط، وإنما لكل شخص يريد أن يحب الناس، وينقي قلبه ويجعله دائم الخضرة والبياض، وبالتالي فإن الاحتفال يشمل كل الناس، عشاقا وغير عشاق، وهو أمر من شأنه أن يجعل العالم أكثر وداعة وإنسانية وتعاطفا، ورقة وعذوبة وحبا، وأقل حروبا وقتلا ومجاعات، وعنصرية وطائفية.
في منطقتنا للأسف الأمر مختلف كليا، فعندنا أنهر من الدم تسيل يوميا، والقتل يقابلك أينما وليت وجهك، والكراهية وصلت لأعلى درجاتها، وبالتالي لم يعد الناس بحاجة لورود حمراء كهدية للتعبير عن الحب، فقد كره الناس عندنا اللون الأحمر من كثرة ما شاهدوا من دماء تسيل وأطفال تقتل، تارة بفعل قتلة صهاينة مغتصبين، وتارة بفعل متطرفين إرهابيين، يقتلون الأطفال والشباب والشيوخ، ويغتصبون النساء ويسبونهم، وتارة بفعل عبوات ناسفة تقتل كيفما اتفق، نحن بحاجة أكثر لورود بيضاء تنقي القلب وتسكن الفؤاد، وتصفي السريرة.
أعتقد جازما أننا كعرب، بخلاف ما يفتي به أولئك الذين يكرهون الفرح والحب، ويدعون الناس لقتل بعضهم بعضا، وبخلاف رؤى تجار الدين الذين يخاطبون الناس بخطابات طائفية وعنصرية وفئوية ومذهبية، ويحرضون على قتل النفس التي حرم الله قتلها، فإننا من أكثر البشر حاجة للحب، فنحن بحاجة لأن يحب السني الشيعي، والعكس صحيح، ويحب المسلم المسيحي، والعكس صحيح، ويحب الدرزي الكردي، ويحب الشمالي الجنوبي، والشرقي الغربي، وبحاجة لأن يحب الموالي المعارض، ويؤمن أنه من حقه أن يعبر عن رأيه ويقول ما يريد بشكل سلمي وديمقراطي، ويؤمن المعارض أن احترام الأكثرية واجب، وأنه ليس من حقه استدعاء دول للتدخل في بلاده وتغيير خيارات شعبها، وتقبل الآخر.
بحق، نحن بحاجة للحب أكثر من غيرنا، حتى نستطيع بناء دول مدنية، علمانية، ديمقراطية، يكون للإنسان فيها مكان وحضور ودور، فبالحب يمكن زرع قيم الإنسانية والعدالة والمساواة، والحرية، فيما بالدم نزرع كراهية وحقدا وبغضاء وسوداوية.
لكل ما سبق، ولأن بعض المجانين عندنا ساهموا في الترويج لأفكار شاذة تغلغلت في جوانب كثيرة في حياتنا، فبعثت في الكثير من أركاننا وحواضننا قتلا، وأسالت في شوارعنا دما، ولوثت ياسمين عواصمنا، فإن علينا نحن بالذات جعل أيامنا كلها حبا، حتى نستطيع إخراج هذا السواد الكامن في نفوس البعض والذي سكن في مناطقنا، فباتت منطقتنا تعاني احمرارا قانيا، وتكفينا وتعميدا يوميا.
لذا الأجدر بنا تأصيل الاحتفال بعيد الحب فينا، لأننا بحاجة أكثر لأن يحب بعضنا بعضا بدل أن يقتله، وبحاجة أن نهدي بعضنا ورودا بدل القنابل العنقودية ونسعى للعدالة والمساواة والحرية بدل القتل وقطع الرؤوس والسبي، وبتنا بحاجة لوداعة قيس بديلا من جبروت الحجاج، فنحن بحاجة لأن نشعر أن هناك وقتا للفرح والحب، وان هناك طرقا أخرى للعيش خارج المخيمات وأرصفة المدن وشواطئ البحر، وخارج غرف القتل بعيدا عن قصف الطائرات والمجازر.
فيا من ترون أن يوم الحب حرام، اتركونا واخرجوا من بيننا، فقد جعلتم كل أيامنا كفنا أحمر، ولوثتم سماء منطقتنا بأفكاركم الإرهابية، فهل يعقل أيها المأزومون نفسيا وروحانيا ودينيا أن ندين شخصا لأنه تمنى لشخص آخر الوداعة والسكينة والحب والسعادة؟!
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو