كتبت قبل أسابيع في هذه الزاوية مقالة عن الأمناء العامين في الوزارات ووجوب تفعيل دورهم ومنحهم كامل الصلاحيات الادارية، وأوردت وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي كمثال، فهما وزارتان بقيتا بلا وزير مباشر لفترة امتدت قرابة 3 أشهر، وهدأ الصخب حولهما في الإعلام، وذكرت تحديدا بأن الأمينين العامين في الوزارتين يبليان حسنا، وذكرت أن الصلاحيات الممنوحة للوزير قد تكون نافذة لدخول الفساد بسبب عدم المام الوزير بقوانين وزارته وسيرتها الادارية، وذلك بسبب انشغالاته الكثيرة أو بسبب كثرة تغيير الوزراء، ويكون سببا في إثارة الاعلام وانتاج أزمات وحملات اعلامية، وكلها حقائق مرتبطة بطبيعة تفكير «ناسنا»، وانهماكهم في مطاردة الوزراء وعدم اهتمامهم بالمضامين والفكرة والفائدة..وها نحن اليوم نعيش المثال الآخر الذي يؤكد ما ذهبت إليه في تلك المقالة..اضافة اعلان
فور اعلان تكليف الوزير د. وليد المعاني بحقيبتي التربية والتعليم والتعليم العالي، هناك أخبار عن اعتصام ومطالبات وتحذيرات من تصعيد، تتعلق بالسنة التحضيرية في تخصصي الطب وطب الأسنان، المعمول بهما في جامعتين من بين الجامعات الرسمية..
وعلى الرغم من أن الملف مهم ويحتاج دوما لحديث، إلا أن الغضب أو ربما قلة المعلومة، تحول الحديث عنه الى غير مقاصده أو بعيدا عن الحقيقة التي نعرفها جميعا، ألا وهي أن القرار المتعلق بالسنة التحضيرية مجرد «تجربة» تقوم بها وزارة التعليم العالي، لتحسين مخرجات كليات الطب في «الأردنية» و»العلوم والتكنولوجيا»، علما أنني كتبت آنذاك عن هذه التجربة بأنها غير مجدية وتفتح بابا كبيرا لمن يملكون المال أن يدرسوا الطب في الجامعتين المذكورتين، وثمة آراء كثيرة من قبل أغلبية ساحقة من الأكاديميين المختصين في كليات الطب ومن خارجهما، يعتبرون القرار والتجربة غير مجدية وتتضمن اقصاء لفئات ما من الطلبة.
تصريح الوزير العريق د. وليد المعاني عن فهمه للسنة التحضيرية يتضمن رسائل مهمة، فيها تجاوز على عدة حقائق، أهمها أنه لم يتحدث عن فكرة السنة التحضيرية باعتبارها تجربة قد تتراجع عنها الجامعتان، حسب تصريحات مسؤولين سابقين، وثانيهما؛ تناوله لموضوع الرسوب والإعادة ثم التقدم والاستمرار في تخصص الطب او طب الأسنان، وهذا يلغي الفكرة من وجود سنة تحضيرية للطب، قررت الجامعتان تجربتها لملء مقاعد كليات الطب بطلبة أكفاء، وتحويل البقية الى الكليات الأخرى كالصيدلة والهندسة وغيرها، ولا حديث عن «إعادة سنة تحضيرية»، فالطالب الذي يرسب أو يفشل فيها هو حكما يجب أن يذهب الى كليات أخرى بعيدة جدا عن الطب..هكذا يقول المنطق، علاوة على أن تصريح الوزير يتجاوز عن معايير الاعتماد وعن القدرة الاستيعابية للكليات المستهدفة، لأن نسبة معينة من طلبة السنة التحضيرية هي التي ستملأ مقاعد هذه الكليات، بينما يذهب البقية الى كليات أخرى حسب ما قيل عن السنة التحضيرية وفكرتها.
لا أحد يمكنه التحدث عن تنمية موارد بشرية في الأردن متجاهلا حقيقة تطوير التعليم، وتوفيره للجميع بفرص عادلة، ولم أقل متساوية، فالمواطن الذي لا يملك مالا لا يمكنه الاهتمام بابنه أو ابنته وإلحاقه بمدارس ذات مستويات عالية، ولا تتوافر في منطقة إقامته، ثم ينخرط ابنه تنافسيا مع طلبة توفر لهم المال أو السكن في مدن كبيرة تتمتع بخبرات وكفاءات بشرية هائلة مقارنة مع بيئته وإمكانياتها، فهذا خلل بنيوي لا يتحمله المواطن إن تحدثنا عن عدالة دولة، وبناء على هذا المفهوم فإن أية «تجربة» أو توجه في التعليم العالي أو في غيره، يضع شروطا وعراقيل واختبارات غير متكافئة بالنسبة للطلبة المتنافسين، هي تجربة غير مقبولة وطنيا واجتماعيا وربما أخلاقيا (بما أننا نتحدث عن دولة وليس عن شخص يحكم في مؤسسته أو ماله).
الحديث يطول ولا نريد أن نفتح كل ابوابه، ونكتفي بتذكير كل المسؤولين عن التعليم وتطويره وتحسين مخرجاته، بأن الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية لم تأت لوضع معايير وأسس تميز بين المواطنين، بل جاءت لتنمي قدراتهم جميعا، وتصنفهم حسب هذه القدرات، دون اقصاء أو استثناء ..وحين تتوزع التنمية ومكاسبها بعدالة على الجميع، يمكننا عندئذ أن نتحدث بتعميم القوانين والمعايير.
لننتظر حتى نهاية العام الدراسي الجامعي، وندرس نتائج التجربة المتعلقة بالسنة التحضيرية، وعندها مطلوب من الجهات المعنية قرار أن نستمر ونعمم التجربة على الطب وغيره من التخصصات الجامعية في الجامعات كلها، أو نتراجع عنها ونعود الى النظام المتبع الذي اعتدنا عدالته ومخرجاته.
فور اعلان تكليف الوزير د. وليد المعاني بحقيبتي التربية والتعليم والتعليم العالي، هناك أخبار عن اعتصام ومطالبات وتحذيرات من تصعيد، تتعلق بالسنة التحضيرية في تخصصي الطب وطب الأسنان، المعمول بهما في جامعتين من بين الجامعات الرسمية..
وعلى الرغم من أن الملف مهم ويحتاج دوما لحديث، إلا أن الغضب أو ربما قلة المعلومة، تحول الحديث عنه الى غير مقاصده أو بعيدا عن الحقيقة التي نعرفها جميعا، ألا وهي أن القرار المتعلق بالسنة التحضيرية مجرد «تجربة» تقوم بها وزارة التعليم العالي، لتحسين مخرجات كليات الطب في «الأردنية» و»العلوم والتكنولوجيا»، علما أنني كتبت آنذاك عن هذه التجربة بأنها غير مجدية وتفتح بابا كبيرا لمن يملكون المال أن يدرسوا الطب في الجامعتين المذكورتين، وثمة آراء كثيرة من قبل أغلبية ساحقة من الأكاديميين المختصين في كليات الطب ومن خارجهما، يعتبرون القرار والتجربة غير مجدية وتتضمن اقصاء لفئات ما من الطلبة.
تصريح الوزير العريق د. وليد المعاني عن فهمه للسنة التحضيرية يتضمن رسائل مهمة، فيها تجاوز على عدة حقائق، أهمها أنه لم يتحدث عن فكرة السنة التحضيرية باعتبارها تجربة قد تتراجع عنها الجامعتان، حسب تصريحات مسؤولين سابقين، وثانيهما؛ تناوله لموضوع الرسوب والإعادة ثم التقدم والاستمرار في تخصص الطب او طب الأسنان، وهذا يلغي الفكرة من وجود سنة تحضيرية للطب، قررت الجامعتان تجربتها لملء مقاعد كليات الطب بطلبة أكفاء، وتحويل البقية الى الكليات الأخرى كالصيدلة والهندسة وغيرها، ولا حديث عن «إعادة سنة تحضيرية»، فالطالب الذي يرسب أو يفشل فيها هو حكما يجب أن يذهب الى كليات أخرى بعيدة جدا عن الطب..هكذا يقول المنطق، علاوة على أن تصريح الوزير يتجاوز عن معايير الاعتماد وعن القدرة الاستيعابية للكليات المستهدفة، لأن نسبة معينة من طلبة السنة التحضيرية هي التي ستملأ مقاعد هذه الكليات، بينما يذهب البقية الى كليات أخرى حسب ما قيل عن السنة التحضيرية وفكرتها.
لا أحد يمكنه التحدث عن تنمية موارد بشرية في الأردن متجاهلا حقيقة تطوير التعليم، وتوفيره للجميع بفرص عادلة، ولم أقل متساوية، فالمواطن الذي لا يملك مالا لا يمكنه الاهتمام بابنه أو ابنته وإلحاقه بمدارس ذات مستويات عالية، ولا تتوافر في منطقة إقامته، ثم ينخرط ابنه تنافسيا مع طلبة توفر لهم المال أو السكن في مدن كبيرة تتمتع بخبرات وكفاءات بشرية هائلة مقارنة مع بيئته وإمكانياتها، فهذا خلل بنيوي لا يتحمله المواطن إن تحدثنا عن عدالة دولة، وبناء على هذا المفهوم فإن أية «تجربة» أو توجه في التعليم العالي أو في غيره، يضع شروطا وعراقيل واختبارات غير متكافئة بالنسبة للطلبة المتنافسين، هي تجربة غير مقبولة وطنيا واجتماعيا وربما أخلاقيا (بما أننا نتحدث عن دولة وليس عن شخص يحكم في مؤسسته أو ماله).
الحديث يطول ولا نريد أن نفتح كل ابوابه، ونكتفي بتذكير كل المسؤولين عن التعليم وتطويره وتحسين مخرجاته، بأن الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية لم تأت لوضع معايير وأسس تميز بين المواطنين، بل جاءت لتنمي قدراتهم جميعا، وتصنفهم حسب هذه القدرات، دون اقصاء أو استثناء ..وحين تتوزع التنمية ومكاسبها بعدالة على الجميع، يمكننا عندئذ أن نتحدث بتعميم القوانين والمعايير.
لننتظر حتى نهاية العام الدراسي الجامعي، وندرس نتائج التجربة المتعلقة بالسنة التحضيرية، وعندها مطلوب من الجهات المعنية قرار أن نستمر ونعمم التجربة على الطب وغيره من التخصصات الجامعية في الجامعات كلها، أو نتراجع عنها ونعود الى النظام المتبع الذي اعتدنا عدالته ومخرجاته.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو