الأحد 2025-01-19 08:55 ص
 

تشيّع ياسين بقوش كعريس وسط الجماهير .. وغياب تام للفنانين !!

04:04 م

الوكيل - شيع الثلاثاء الماضي من مستشفى المجتهد في دمشق جثمان الفنان السوري المخضرم ياسين بقوش الذي وافته المنية الأحد بعد تعرضه لقذيفة أثناء قيادته لسيارته في منطقة ' عسالي' بالقرب من مخيم اليرموك جنوب دمشق، دون أن يعرف مصدر القذيفة.

ووسط لفيف من أصدقاء الفنان توجه الموكب الجنائزي إلى جامع محي الدين بدمشق، وصلي عليه صلاة الميت، قبل أن يشق الجثمان طريقه إلى مقبرة 'التغالبة' في حي الصالحية الذي ولد فيه بقوش، ليدفن هناك بعد 75 عاما من العطاء.

وكان لافتا أن الجماهير الغفيرة التي حضرت قامت بزف الشهيد ياسين بقوش من الجامع كعريس حيث علت أصوات العراضة الشامية التي تهلل باسم الفقيد في مشهد خرج به الناس عن تقاليد تشييع الموتى، وذلك لإيمان الجميع بأن الفقيد هو شهيد وليس مجرد شخص توفي.


وكالعادة غاب الفنانون، زملاء الأمس، عن تشييع صديق لهم، ما ترك عددا هائلا من إشارات الاستفهام عن وفاء الفنانين لأبناء وسطهم، لاسيما وأن كثيرين منهم كانوا قد نعوا بقوش على صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي وبكوه، فهل كان الأمر تباكيا ؟!!! ولا يمكننا هنا أن نتوجه لأية جهة بخصوص وفاء الفنانين فالمسألة شخصية وأخلاقية ومبعثها الأساسي هو الشخص نفسه!!!

ولد الفنان ياسين بقوش في دمشق في العام 1938 وتحديدا في حي الصالحية الذي شهد طفولته ودراسته في مدرسة ابتدائية ما تزال موجودة حتى الآن.

ومن هناك انطلق إلى العمل في الإذاعة بشكل مبكر معتمدا على صوته الذي أعطاه كركترا سماعيا قبل أن يظهر على الشاشة لكون التلفزيون لم يكن قد عرف في سورية في تلك الفترة.


شارك ياسين في مجموعة من المسرحيات في بداية خمسينات القرن العشرين، وكان ذا مقدرة كبيرة على استخدام صوته في أكثر من شخصية في العمل الواحد الواحد.

ولما أنشئ التلفزيون في سورية كان ياسين من أوائل من انضموا إليه ليصبح أحد أبرز الأسماء التي أسست للشاشة السورية.

يملك ياسين بقوش رقما خاصا في تاريخ الفن السوري وربما العربي يميزه عن سواه، وذلك لكونه يملك أشهر اسم في الساحة الفنية، حيث اعتمد اسمه ' ياسين' ليكون هو الاسم الفني، وهو في نفس الوقت الاسم الحقيقي له، فأصبح اسمه الحقيقي هو اسمه في التمثيل ما جعله علامة فارقة عن أقرانه السوريين والعرب.

لو عددنا الأعمال ( مسلسلات ، أفلام سينمائية، مسرحيات) التي ظهر بها ياسين بقوش في حياته فإننا سنحتاج لسطور كثيرة وعديدة وقد تخرجنا عن المطلوب من مادتنا الحالية، لكننا نكتفي بأبرز ما جاد بقوش على جمهوره به في زمان الضحك الفني ' الكوميديا' .. حيث تألق في صح النوم وحمام الهنا ومقالب الهنا، والتي غدت روائع الكوميديا السورية والعربية حتى تاريخه.

وتألق في السينما على مسافة واحدة من التلفزيون وكان له عشرات الأفلام ما بين 1960 و1990، مع دريد وناجي جبر وعبد اللطيف فتحي وفطوم حيص بيص، فضلا عن أحد أبرز أفلامه مع ناهد حلبي وفؤاد غازي وناجي جبر في مطلع الثمانينات.

أما المسرحيات فتكاد لا تعد ولا تحصى، وحتى بقوش نفسه كان يعجز عن إيجاد رقم لعددها، حيث تقدر بأنها تجاوزت الـ400 وذلك ما بين 1950 و1990 على مسارح القباني والحمراء والمسرح الوطني ومسرح الفرسان.

لكن كل هذه النجومية والصيت الواسع الانتشار لياسين بقوش لم يمنع حيتان المال في الدراما السورية الذين انطلقوا بها في الإنتاج الخاص منذ قرابة العشرين عاما، من تهميشه بصورة واضحة، حتى بات السؤال اليومي لدى الجمهور السوري بل والعربي أيضا: أين ياسين بقوش؟

فمنذ عقدين ونصف العقد من الزمن لم يتلق ياسين بقوش أي عرض لمسلسل سوري، وكان الأمر، بداية، يشمل معه مختلف زملائه نجوم السبعينات 'دريد لحام، ناجي جبر وآخرون'... فعاد دريد منتصف التسعينات من بوابة عريضة ومعه ناجي جبر، لكن غياب ياسين ظل وطال إلى مدى أبعد مما يمكن.

لا نكشف سرا إذا قلنا بأن كثيرين من الجمهور السوري فوجئوا بنبأ وفاة ياسين بقوش، الأمر الذي يُرد إلى الغياب التام له عن الساحتين الفنية والإعلامية.

طفرة عابرة قبل أربع سنوات ظهر خلالها ياسين بقوش في برنامج فكاهي رمضاني وكان فيه إلى جانب الفنان المصري الكوميدي وحيد سيف الذي توفي هو الآخر قبل أسابيع، وحين ظهر على الشاشة اتصل به مجموعة من المخرجين السوريين ليحجزوا له أدوارا في مسلسلاتهم للعام التالي لكنه اعتذر نهائيا عن المشاركة لأنه كان يعلم أنهم يريدون استثمار ما بقي لديه من فن إضحاك الناس لموسم واحد وينسونه مثلما نسوه منذ عقدين.

في السياسة لم يعط ياسين بقوش موقفا ولم يعلن انحيازه لأي طرف وظل وفيا لتراب كل سورية والشام، بدليل أن مقتله تم في منطقة لا يجرؤ كثيرون من السورين اليوم على دخولها ألا وهي منطقة عسالي بالقرب من مخيم اليرموك.

وكان فيديو نشر على اليوتيوب قبل أسبوع من مقتله يظهر فيه ياسين بقوش رفقة ولده في سيارة أوقفها حاجز للجيش الحر في دمشق وتبادل بقوش مع العناصر كلمات عادية بحسب الفيديو.

ويبقى السؤال عن هوية الجهة التي وجهت القذيفة إلى سيارة بقوش لحظة مقتله والجواب عليه سيطول كثيرا وقد لا يحضر إطلاقا بحكم المعمعة الطاغية على المشهد في البلاد.

ويبقى أن نذكر أن لياسين بقوش عددا من الأولاد لكنه كان حريصا أشد الحرص على إبعادهم إن أجواء التمثيل والفن عموما، وذلك لشدة ما عاناه من انعدام التقدير للموهبة لصالح العلاقات والمصالح الضيقة، وما أدل على ذلك من مشهد جنازته الذي غاب عنها سائر الممثلين قدامى وجددا.

اضافة اعلان

النشرة


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة