اليوم انهي الاربعين من العمر دون خجل، وبكامل الفضيحة .. فتاريخ اليوم هو عيد ميلادي..
ثمة شيبات اعترت مفرق الرأس وقليل من الكوليسترول في دمي، وكثير التعب في المفاصل ولي صديق طبيب اسمه لؤي الحسيني يعالج ما تركه التدخين من آثار على القصبات الهوائية..
وثمة بنات غرقن في الشقاء مبكرا، يقلن لي حين اعبر من امام منزلهن في الحارة: (كيفك عمو) وانا في قلبي اقول: (عمى الدببة)..يجرحني الامر قليلا واجامل.
عشرون عاما قضيتها في الصحافة، منذ ان كنت في التاسعة عشرة من العمر طالبا جامعيا ومدققا لغويا في جريدة (صوت الشعب)... ومندوبا برلمانيا، وصحفيا مشاغبا في الأسبوعيات وذات يوم صحوت على قرار رئاسة التحرير في احدى الصحف بتغيير اسمي من عبدالهادي المجالي إلى عبدالهادي راجي المجالي.. في بلادنا حتى الأسماء تسرق وتغير واستسلمت للقرار لان بديل تغير الاسم كان الطرد.. وصحوت في الزنزانة ذات صباح وفي السجن وفي المحكمة.. وعلى الرصيف.
دخلت الاربعين، وكل علاقات العشق فشلت بها الا حبي مع بلادي والجيش، وافتخر اني علمت جيلاً من الصحفيين اهمية الكتابة عن الجيش وجداننا وهويتنا، وضميرنا الوطني، افتخر اني في منتصف التسعينات كنت اخط شكلاً جديداً من اشكال زج الجيش في سطور المقال وزج الكتائب والقادة والرتب..
الأربعون مقلقة ومتعبة ويعتريك الخجل فيها والترهل، وتخاف من القلب.. تخاف من ان يخذلك في لحظة شيء من جسدك .. تخاف من اغفاءة العين، وتتذكر اصدقاءك الذين ذهبوا دون اخطار دون حتى ان يودعوك.. تتذكر سامي الزبيدي وحبيب الزيودي.. تتذكر الحاج محمود سعيد والليالي التي غاب فيها الليل وحضرت البلد على طاولة السهارى بكل وجعها.. وتتذكر زوجة تهمس في اذنك مساءً وتخبرك عن الاولاد وماذا ستترك لهم.. تتذكر ان رمح المقال لم يعد مثل زمان.. وانك صرت جزءاً من بيروقراط الدولة، ولم تعد حروفك كما الفرس الحرون عصية على الميادين.
هل اقدم عزاء لقلبي في عيد ميلادي.. لا ولكني اقوم بجردة حساب لما مضى من العمر واجزم انه سيسجل في دفتري اني صعلوك متمرد مجنون.. ولكن لن يسجل اني خذلت البلد او اهل البلد او اني تأخرت عن هوى الوطن.. وهوى اهلي..
الاربعون مقلقة، ويا ليت ان امي على قيد الحياة لعدت الى حضنها كي اختبئ هي الوحيدة التي كنت ارتمي بين يديها واعود طفلاً حتى وان استبد بي العمر.. ولكنها رحلت مثل كل الذين يرحلون وتركت.. لي وطناً لا يرحل..
كل عام انت بخير يا عبدالهادي المجالي.. وهذا الشيء الوحيد الذي تستطيع ان تهديه لقلبك في سن الاربعين هو ان تسترد اسمك الذي غير دون علمك، ميزة الرأي انها الصحيفة التي استطيع ان استرد اسمي فيها متى شئت.. والدولة وان كانت شرسة الا ان فيها خيطا من حنان على البلد واولاد البلد.. على الاقل ستضمن انها لن تنفيك ولن تستبد بك ولن ترميك في الشارع...
كل عام وانت بخير يا عبدالهادي المجالي.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو