الخميس 2024-12-12 10:40 ص
 

تنّعم «الأمن» حتى أصبح عاجزاً !

01:04 م

رغم أنهم قالوا «إن اللين أقطع من السيف» الا أننا بعد رواية هذه الحادثة التاريخية سيكون لنا رأي آخر!!اضافة اعلان

حين تمردت المدينة المنورة مع عبد الله بن الزبير ضد الأمويين وخلافتهم وشقت عليهم عصا الطاعة أوعز الخليفة لقادته في المدينة بسحب «العسس» أي الشرطة من شوارعها وأحيائها وتركها بلا حراسة أو محتسب أو رقيب..فدبت الفوضى وخرج قُطّاع الطرق والعيارون فكان السلب والنهب وهتك الحرمات وبقي الامر كذلك لايام وليال (كما ذكر ابن الأثير في كتابه الكامل) فلم يعد أحد يقوى على الخروج من منزله لتجارة أو يزور صاحب حاجة وما زالت الناس تشكو امرها الى أن توجه وفد من أهل المدينة الى دمشق يناشد الخليفة أن يعيد لهم العسس وأن يحفظ أمنهم ويمنع عن أرواحهم وأموالهم التعدي والاستباحة مقابل الولاء والطاعة وعدم الخروج على ولي الأمر ..
مثل هذا حدث في مصر أثناء ثورة يناير حين طلب وزير االداخلية آنذاك حبيب العادلي من الشرطة الانسحاب من الاحياء والشوارع لتدب الفوضى بعد ذلك..ويبدأ الناس مناشدة الحكومة وقبول مطالبها منهم..ذلك أسلوب تقليدي عربي قديم ومتكرر ما زال قائماً كما رأينا رغم أنه لم تثبت جدواه..
ونعود الى الأمن الناعم ونحترم ما استثمر مدير الأمن العام في المصطلح والممارسة من ثقافة وتثقيف ومن دفاع عن رؤيته وتوافق معه على ذلك كله ونخالفه في الاستعمال في متى يكون الأمن ناعماً ومتى يكون خشناً لأن وضع الناعم مكان الخشن أو الخشن مكان الناعم..ضار وقاتل وكما يقول المتنبي
«وضع الندى في موضع السيف بالعلا...مضر كوضع السيف في موضع الندى»
والسؤال، الأمن الناعم لمن؟ للمسيرات والحراك والمطالب المشروعة؟ أم للزعران وللذي نقل من وظيفته الى موقع آخر فهدد واهله باحتلال الدائرة بالكلاشنكوف؟ أم للذين احتلوا الشوارع بالبسطات ومنعوا حتى الشرطة من أن تسألهم وقد أخفوا في البسطة وتحت الأردية السكاكين والبلطات وامواس الكباس سريعة الاستعمال..
أليس لكل مقام مقال كما يقال...أليس لكل لباس موسم للبسه فإن كان الشتاء كان ثقيلاً وإن كان الصيف كان خفيفاً..فماذا ان رأيت من يلبس فروة في الصيف وقميصا خفيفا في الشتاء فماذا نقول؟! ..
الأمن الناعم يعني أن تكون الخشونة منزوعة من الأمن وأن تحل الكلمة والحوار والنصيحة محل الهراوة والقيد والكلبشة والضرب واستعمال أشكال العنف المفرطة الأخرى.. فأين يستعمل هذا ومتى؟ لسنا مع الأمن الخشن حين يكون الناس متفهمين وقادرين على الحوار ويحتمون بالقانون أو يعبرون عن مواقف مقبولة ولسنا مع الأمن الناعم حين يخرج علينا الزعران والبلطجية والشطارون ومطلقو العيارات النارية ومحتلو الشوارع ومثيرو الشغب والفتن ومعطلو حاجات الناس ومصالحهم فيعاقبوننا لمصالحهم..فهل يستحق هؤلاء الأمن الناعم الذي هو حق غيرهم اليس «كثرة التهلي بتجيب الضيف الوخم» كما يقولون...ألم يقل الشاعر:
اذا أنت أكرمت الكريم ملكته...وإن أنت اكرمت اللئيم تمردا
اذن لا تكرموا اللئام..اكرموا الكرماء وأعيدوا النظر في أسلوب توزيع الأمن بين الخشونة والنعومة فالأصل هو تطبيق القانون وكل ما عدا ذلك جوائز او عمولات زائدة لا قيمة لها ..نريد أن نرى شكلاً آخر للأمن غير المعروض في السوق الان ليتوقف الزعران والمخالفون والأشرار عن اجتياز الخطوط الحمراء في القول والعمل بعد أن استأنسوا بغياب العقوبة والردع ووضع القانون في اجازة انهم يتذرعون بالأمن الناعم ويمارسون علينا الزعرنة!!
ألم يقل «إن من أمن العقوبة وقع في الخطأ»!!


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة