الأحد 2024-12-15 06:11 ص
 

ثقة الأردنيين في مؤسساتهم

07:47 ص

صدرت دراسة في الآونة الأخيرة عن منتدى الاستراتيجيات الأردني تعالج مسألة رأس المال الاجتماعي في الأردن من خلال رصد ثقة الشعب الأردني في المؤسسات القائمة ذات الدور والأثر في معيشة الأردنيين وحياتهم، تناولت القوات المسلحة والشرطة، والحكومة والدوائر الحكومية، والمحاكم والبرلمان والأحزاب السياسية، والصحافة والبنوك، وقد حازت القوات المسلحة على أعلى نسبة ، ثم تلتها الشرطة ثم المحاكم ثم الحكومة ، ثم البرلمان بينما جاءت الأحزاب في المرتبة الأخيرة.

اضافة اعلان


تمثل الدراسة نمطاً جديداً ومهماً في كشف رضا المواطنين عن مؤسساتهم ذات الأثر العملي الواضح في حياتهم ومسار معيشتهم وهي تمثل رأس المال الاجتماعي كما يقول أصحاب المنتدى .


ما يجذب الانتباه في هذه الدراسة النسبة المتدنية المتعلقة بموضوع الأحزاب السياسية، وأعتقد أنها مسألة تستحق مزيداً من البحث والمناقشة ومزيداً من التوضيح حول الأسئلة الموجهة للمواطنين فيما يتعلق بموضوع الثقة بالأحزاب، وكيف تتحصل الثقة بالأحزاب؟ وما هي الموضوعات التي تمس حياة الناس من خلال الأحزاب؟ ولذلك لا بد من الإشارة إلى جملة من الأمور في هذا السياق، من أجل الإسهام في وضع المسألة في نصابها الصحيح، بعيداً عن الضبابية والتناول الملتبس لمسألة الحزبية السياسية في الواقع العربي والواقع الأردني.


تعريف الحزب ومفهومه الاصطلاحي: «يتمثل بمجموعة من الأفراد الذين يجمعهم برنامج سياسي محدد معد لإدارة الحكومة في جميع شؤونها عبر الانتخابات العامة القائمة على أسس حزبية، بمعنى أن الحزب لا يظهر أثره العملي إلّا من خلال الحكومة المشكلة من الأحزاب الفائزة التي حصلت على التفويض من خلال الإرادة الجماهيرية، فعندما يتم انتخاب حزب ويصل إلى الحكومة يصبح في معرض الاختبار العام والتقويم العلمي والعملي الميداني للأداء الواضح البين على الأرض؛ هل نجح في تطبيق برنامجه السياسي الذي عرضه للجمهور وفاز بسببه أم لم ينجح؟ وإذا لم ينجح يتم استبداله في الانتخابات القادمة، ويتوجه الناخبون إلى حزب آخر بديل وبرنامج سياسي آخر، ولذلك فإن فحص الثقة تكون بحزب مخصص بعينه قد تم تجريبه عملياً، وليست الثقة بمبدأ الحزبية على وجه الاجمال والعموم.


وهنا تنبغي الإشارة بوضوح إلى أننا في الأردن وفي كل العالم العربي لم نصل بعد إلى مرحلة التنافس الحزبي الحقيقي من خلال المشاركة في الحكومات، ولم نصل إلى مرحلة فحص الأحزاب من خلال تطبيق برامجها، ولا مجال للحكم على الأحزاب من حيث النجاح والفشل وهي خارج السلطة، وخارج دائرة التأثير العملي التطبيقي في تسيير حياة الناس، وكيف يحكم الناس عليها وهم لم يمنحوها الفرصة للتنفيذ، لأن الأحزاب ليست جمعيات خيرية تتولى توزيع الحرامات والمدافىء على الفقراء، أو كسب ود الناس بطرق المساعدة والعون المختلفة.


ومن هنا فإن فكرة الناس المتشكلة ذهنياً حول الأحزاب هي مجرد أفكار ومشاعر انطباعية جرى توارثها عبر الأجيال من خلال وسائل الإعلام الموجهة، ومن خلال التعبئة السلبية خلال نصف قرن من الزمن حول تجربة الأنظمة العربية في الحكم خارج دائرة التجربة الحزبية المعروفة لدى دول العالم المتحضر، بالإضافة إلى تجربة الاستيلاء على السلطة في كثير من الأقطار العربية من خلال فكرة الحزب الواحد الأوحد الذي استبد بالحكم من خلال الجيش والعسكر والانقلابات الدمويّة، وليس من خلال الانتخابات وصناديق الاقتراع، مما أسهم في تشكيل صورة حزبية شاذة في أذهان الأجيال المتعاقبة، جعلت أغلبيتهم يمقتون الأحزاب مقتاً شديداً لا سبيل إلى معالجته، وبناءً على ذلك فإننا لا نعيش حياة حزبية بمعناها الحقيقي المعروف عالمياً، كما أن الأحزاب لا تمتلك لدينا أي دور عملي له أثر في معيشة الناس يتم اصدار الحكم والتقويم من خلاله، فلا مجال للقياس والحكم.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة