الأحد 2024-12-15 09:30 م
 

جحش واطئ

08:25 ص

يحق لنا بعد التجوال في خرائط الانتخابات البلدية، أن نقدم قراءة في المترشحين وبرامجهم وتاريخهم التطوعي، ونستعرض قدراتهم العقلية والنفسية، فأن يترشح الواحد منا لمنصب يجعله شخصية عامة يباح نقدها وتشريح أفكارها بعيداً عن سكاكين التقبيح والتجريح. اضافة اعلان


الجملة المراوغة التي قصمت ظهر عملنا العام، وجعلت من الترشح مهزلة كونية هي: (كل الناس خير وبركة). لا يا باشا. ليس الأمر كذلك. فقد تنفعك العبارة في المصاهرة أو المتاجرة، أما أن ينبري من هبّ ودبّ ووجد وقتا فارغا؛ فيترشح للمجلس البلدي؛ فهذا معيب وغير عادل. ففي العمل العام، لا بدّ من شروط تتوافر ليبيح الواحد لنفسه التنطح لمثل هذا الفعل.

أول أمس استعرض بعض الأصدقاء أسماء مرشحي البلدية، في واحدة من محافظاتنا الفقيرة، منعدمة الخدمات. ثمة مرشح (نطاط)، كما وصفوه. يتقافز بين ترشح لبرلمان وبلدية. وعديد مرشحين لا علاقة لهم بالعمل العام إطلاقاً. جلهم شباب متقاعدون، متواضعو التعليم، وكأنهم يرومون سبيلاً للخروج من البيت، والتخلص من مقارعة (أم العيال).

ويبقى السؤال الكبير: أين خبراتنا؟ أين مبدعونا؟ وأين أؤلئك الذين نعرف أنهم أهل لهذا العمل؟ لماذا لا يجرؤون على الترشح؟ أو لماذا لا نستدعيهم ونرجوهم لهذا إن تطلب الأمر؟ ولماذا يتركون الجو متاحاً لهؤلاء المتنطعين؟ أم أن البضاعة الرديئة في هذا الزمن الرديء تطرد البضاعة الجيدة؟

قال صديق: أستطيع في هذه البلدة أن أسمي عشرات الشخصيات القيادية التي لو لجأنا إليها أو سهلنا ترشحها ودعمناها، لتغيرت حال بلدنا، لما نعرف عنهم من رجاحة عقل وثبات قيم ورؤى ثاقبة. فقلت له: يا رجل، الانتخابات في بلدنا بلا مقياس منطقية أو عقلية أو رياضية. فكم من مرشح لم يقدم في حياته فكرة، ولم نسمع له صوتاً أو نجد له حضوراً، قد فاز على من قضى عمره مشتبكاً بالهم العام متبنياً قضايا المجتمع وصالحه. وكأن الناس في بلدنا تنتقم من الشخص الجيد المختلف؛ فتبعده وتقصيه. وهنا كامل مأساتنا.

هناك استسهال لأمر الترشح للأسف. نعم القانون يبيح هذا الحق للجميع. إنما العمل البلدي ليس جحشا واطئا، يستطيع أن يمتطيه كل أحد. فكيف بمن لم يعمل في حياته عملا تطوعيا، أو من لم يمتلك قدرات مميزة، أن يتنطح لهذا الأمر الجليل. رحم الله إمرأً عرف قدرَ نفسه.

السيرة الذاتية لانتخاباتنا البلدية والنيابية غشوم ظلوم، لا ثوابت فيها، ولا قيم لها، ولا منطقية تقودها. هي لا تحترم في غالب أمرها قدرات البعض الإبداعية، ولا تنزل الناس منازلهم. ودوما لها حسابات أخرى.

 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة