السبت 2024-12-14 11:43 ص
 

حكاية رأس أمي المقطوع

06:31 ص

ذات ليلة صيفيّة من ليالي مخيّم البقعة ..حيث كنّا ننام كلّنا ( العيلة والشيلة ) في غرفة واحدة ؛ هي كلّ ما لدينا من سَكَن..ولم أكن أتجاوز من العمر خمس أو ست سنوات على أعلى تقدير ..نِمْنا كالمُعْتاد ..والمُعْتاد يعني بالضرورة :- النوم قبل العاشرة ..إطفاء ( شَنْبَرْ لُكْس الغاز ) ..الاندساس تحت الحْرام ..وقطع النَّفَس ولا كلمة ..وكنّا نحن الصغار يفرشون لنا شمال - جنوب ..وأمّي وأبي قريب من الزاوية شرق – غرب ..!!اضافة اعلان

صحوتُ ..أكيد بعد منتصف الليل ..أخذتُ نظرة واحدة إلى أُمّي ..لمْ أرَ رأسها ..الجوّ غارق بالعتمة ..ولكنّك تستطيع أن ترى أحجام الأشياء ..كلّ أُمّي موجودة ما عدا الرأس ..!! أردتُ أن أنهض ..ولكنني خُفْتُ من ( أبو سليمان ) وأبو سليمان لغاية اليوم لا أعرفه ولا يعرفني ..كان مجرد اسم يخوّفوننا به بالاضافة إلى أبو رِجِل مسلوخة ..!! بَحْلَقْتُ أكثر ..رأيتُ رأس أُمّي مكوّماً لوحده بجانب الفرشة وغير ملتصقٍ بها ..!! أغمضتُ عينيّ بسرعة الخوف ..فالذي قطع رأس أُمّي أكيد ( بعده هون ) ..وينتظر أي حركة منّي ليقطع رأسي ويشلّ أمَلي ..!! طيّب أين الدم ..؟؟ لم أنتظر كثيراً ووصل الدم من رأس أمّي إلى فرشتي ..يداي الآن مبلّلتان ..ولكني لا أستطع أن أفتح عيوني أو أرفع يديّ أو آتي بأية حركة..حتى لا يُقطع رأسي ..وبقيتُ طوال الليل أدعو الله أن ينتهي الليل بسرعة ..فالقاتل فوق رأسي ..أكيد ..!!
سمعتُ صوت ( خَرْفَشَة ) انه القاتل أكيد ..لم أفتح عيوني ..أعصابي ..أريد أن أصرخ ببراءة الأطفال ولكن هيهات ..صوت ( البابور ) إنه القاتل هو الذي أشعله ..!!
دقائق ..وسمعتُ صوت أُمّي ينادي على والدي : محمود ..محمود ..اصحى يا محمود ..الشاي جاهز ..!! انتفضتُ من فراشي كالأسد ..الدنيا واضحة ..راحت العتمة ..وها هي أُمّي ما فيها إشي..وها هو منديلها الأسود متكوّم مثل الفطبول بجانب فراشها وأنا فكّرته رأسها ..ولكن ..ما قصّة الدم الذي وصل إلى فَرْشتي وملأ يديّ ؟؟..نظرتُ إلى يديّ ..فِشْ دَمْ ..رفعتُ الحْرام عن فرشتي ..يا حبيبي..إيش هاظ..الفرشة إمْنَقّعة تنقيع..باقي عاملها على حالي من الشجاعة ..!!


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة