حمار تاج السر السوداني وتاج السر الاردني

د.عبدالله عامر البركات-جامعة اليرموك - حدثني صاحبي سر الختم فقال:

كانت لي تجارة في ام درمان , وكانت بضاعتي من المزارع القريبة تصلني على ظهر حمار لصديق اسمه (اي الصديق) تاج السر . وكنت ادفع له نصف جنيه على النقلة الواحدة. وفي أحد الايام رفعت الحكومة تسعيرة الكهرباء فلم التفت الى ذلك كثيرا . فمتجري على قد الحال ولا افتحه الا في النهار فما شأني برفع الكهرباء ؟ في الصباح التالي حضر تاج السر يتأبط رقبة حماره ويثبت قدميه بالأرض ليوقف الحمار الهمام. حييته وأنزلت البضاعة ونقدته نصف الجنيه مبديا اعجابي المتكرر بحماره المقدام. نظر تاج السر الى نصف الدرهم ثم نظر الي وقال : ألم تسمع برفع الكهرباء ؟ قلت بلى وأحمد الله اني وأنت والحمار خارج مجال التأثر بذلك. قال كيف يا هذا ؟ لقد اصبحت أجرة النقلة ثلاثة ارباع الجنيه. فجعتني الدهشة وقلت : كف عن المزاح الثقيل. قال انا لا امزح. قلت وما شأن حمارك المصون بالكهرباء , هل تشحنه بالليل مثل السيارات الكهربائية ؟ قال ابدا. ولكني اشتري له البرسيم من المزرعة المجاورة والتي تضخ الماء من النيل الازرق على الكهرباء مما ادى لارتفاع ثمن البرسيم وترتب على ذلك ارتفاع أجرة النقل. وأضاف : كنت مخيرا بين تقسيم الحمولة على دفعتين مقابل تقليل مئونة الحمار او الابقاء على المئونة كما هي مقابل الابقاء على قدرته على العمل فاخترت اهون الشرين واحلى الامرَّين , لأن الخيار الاول يكلفك اجر نقلتين لنفس الحمولة وهو ليس في صالحك ولا في صالحي ولا في صالح الحمار.

كان جوابه مفحما فنقدته ربع جنيه تمام الثلاثة ارباع وانا صامت أفكر ماذا سيترتب علي من مفاجآت اخرى.

يا دولة رئيس الوزراء , اذا كان حمار تاج السر السوداني تأثر برفع الكهرباء , فهل سينجو من ذلك تاج السر الاردني الذي لا حمار له أصلا.