يسرحون مثل غيوم أيلول الندية على صفحات الصبح والطرقات والمسرات، يسرحون عابقين بثيابهم الجديدة المكوية، وحقائبهم تتهادى كهوادج على دفات الظهور، وأمهات يقفن بخفر وحذر، على حرف الشارع ينتظرن باصاً ما زال يتهجى عنوان البيت. كم يبهجني جيشنا الجرار حين يعود إلى ميادينه. أهلاً بالمدارس.
تبهجني لذعة الزعتر في لفائفهم المخبأة بين الكتب. ويفرحني شعر محزوم كذيل فرس جموح يلوح لبنت هرعت لصديقاتها في أول الملعب. وتبهجني أكثر، روؤس لامعة (بالجل) كنجوم حطت أرضاً، وترويني مطرة الماء المثلوج، تدمع بيد طفل يتعلق بأبيه على بوابة مدرسة صاخبة.
في كل عودة مدرسة، تتلبسني رائحة كتبي الأولى، وتغمرني بذكراها وصورها حتى النخاع. مع كل دندنة للجرس أستعيد يومي المدرسي الأول. فهل تنسى أيها الأربعيني كتبك الملونة تعبق بحقيبة صغيرة حمراء على ظهرك الصغير، فتتمايل بها كمحارب تعبان عاد مع غبار المعركة، لكنك تستقيم كفارس عندما تصل حوش الدار، وتنادي أمك بصوت مسموع، كي تعرف بنت الجيران إنك عدت، وأن طالب الروضة صار في المدرسة الآن، وليس مثلها، ظلت قطًة في دفء البيت.
ولن تنسى صورتك في الطابور بعد الجرس الأول، وأنت تتأكد كل حين بيدك الصغيرة، من شاليشك الجميل اللامع (مفرق الشعر)، فتأمرك المعلمة أن تقف مستقيماً، في هذا الخط الطويل المبعوج، فلا يعجبك كلامها؛ فتنال ركلة خفيفة على مؤخرتك. ما زلت تتلمسها حتى الآن.
ويا أيها الأربعيني، قد تنسى يومك الأول في العمل أو في الكتابة، ولن يغيب من بالك بكاؤك المفتعل، حين تركت أمك يدك المعرقة، فبكيت أو تباكيت ولم تسكت، إلا عندما ضاعفت لك المصروف؟!، وهل تنسى ضحك الأولاد الذي يشبه مقاقاة الدجاج المفزوع، إذ الولد السمين يبلُل بنطاله حتى كعب حذائه، عندما خوفته المعلمة بغرفة الفئران؟.
وهل تنسى نومك بحذائك الضيق الجديد؛ كي يطلع نهار المدرسة باكراً كصباح العيد؟!، فلو أنك تحيا العمرين، فلن تنسى يومك الأول في مدرستك الأولى!، فوردة لكل أبنائنا المتحمسين لخوض معركتنا الكبرى ضد الجهل، الذين يماشون أحلامهم البكر في يومهم الدراسي الجديد مدججين بعنفوان لا يلين. ووردة لمعلميهم ومعلماتهم، ووردة لأمهاتهم وآبائهم.
التعليق
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو