الأربعاء 2024-12-11 10:23 ص
 

زوبعة في فنجان

07:49 ص




الحراك السياسي الذي انطلق مؤخرا ،لإحياء المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية ، هو أشبه بزوبعة في فنجان ، سواء فيما يتعلق بالمبادرة الفرنسية، لعقد مؤتمر متعدد الأطراف في باريس بداية حزيران المقبل ، أو الدعوة التي وجهها رئيس مصر عبد الفتاح السيسي ، التي وردت في خطاب رسمي بصيغة مناشدة لـ « الأحزاب الإسرائيلية للتوصل الى تفاهم وطني حول الحاجة، لدفع عملية التسوية السياسية مع الفلسطينيين».اضافة اعلان


وتزامن الخطاب مع أزمة واجهت الائتلاف الحكومي، ومفاوضات لضم حزب العمل برئاسة اسحاق هيرتزوغ الى حكومة نتنياهو.

وحسب تسريبات نشرتها وسائل إعلام اسرائيلية ، أن عرض السيسي سبقته اتصالات بين القاهرة وتل ابيب استمرت بضعة اشهر، ولعب مبعوث اللجنة الرباعية السابق توني بلير دورا مهما في تلك الاتصالات ، بهدف مساعدة نتنياهو في التغلب على الازمة الحكومية ، لكن النتائج جاءت مختلفة، حيث أوقف نتنياهو المفاوضات مع هيرتزوغ وتوجه الى أقصى اليمين، بالاتفاق على ضم حزب «إسرائيل بيتنا « بقيادة وزير الخارجية السابق ليبرمان، الذي تولى وزارة الحرب.

البعض اعتبر أن دخول ليبرمان الحكومة ، سيحدث تحولا جذريا في سياسات دولة الاحتلال إزاء الفلسطينيين ، وهذه سذاجة سياسية ذلك أن جميع الاحزاب والنخب السياسية الصهيونية، وكافة الحكومات التي تعاقبت على إدارة دولة الاحتلال ،سواء كانت عمالية أو ليكودية أو ائتلافية حافظت على الثوابت الصهيونية وجوهرها رفض الحقوق الفلسطينية ولو بالحدود الدنيا. فضلا عن كون حكومة نتنياهو بوجود ليبرمان وبدونه تعتبر من أكثر الحكومات يمينية.

كان أمرا طبيعيا أن يرحب نتنياهو بدعوة السيسي، فما يعنيه هو استمرار لعبة المفاوضات واستثمار الوقت لتكريس اجراءات تهويد الاراضي الفلسطينية المحتلة وتوسيع الاستيطان وحسب أحدث الأرقام الاسرائيلية فقد بلغ عدد اليهود القادمين الى فلسطين المحتلة خلال عام 2015 «30» ألف يهودي، بزيادة بنسبة 10 بالمئة عن العام السابق ، وبالتأكيد فان هؤلاء سينضمون الى صفوف المستوطنين في الضفة الغربية.

الحقيقة الراسخة أن دولة الاحتلال ، ترفض أي مبادرة جدية لتحريك التسوية وفق القرارات الدولية ، وكان نتنياهو واضحا في رفضه لمؤتمر باريس، وأبلغ ذلك الى رئيس وزراء ووزير خارجية فرنسا ،خلال زيارتهما اسرائيل قبل أيام للترويج للمبادرة ، فقد أصبح مفهوما للجميع أن تقرير مصير القضية الفلسطينية سياسيا، مرتبط بتدخل أميركي حقيقي للضغط على اسرائيل ، للاستجابة للمطالب الفلسطينية المشروعة، لكن واشنطن وضعت هذا الملف على الرف، فهي مشغولة بترتيب الوضع في سوريا بالتنسيق مع الروس.

ومن جهة أخرى فإن الرئيس أوباما في الأشهر الأخيرة من ولايته الثانية، وقد أضاعت إدارته أكثر من سبع سنوات ، في كلام فارغ حول المفاوضات و«حل الدولتين»، ولم يسبق أن اتخذت إدارة أميركية قرارات مصيرية ،بحجم قضية مستعصية كالقضية الفلسطينية في آخر عهدها ، أما الخيار الثاني لحسم الصراع ، فهو حدوث «انقلاب تاريخي» في الواقع العربي لجهة تحرير فلسطين ، وهذا يحتاج الى «معجزة».

لكن ما يقرأ بين سطور عرض السيسي ، أن هناك أمرا جديدا ، وهو ما ينسجم مع ما نقلته وسائل اعلام اسرائيلية عن مصادر غربية، عن استعداد دول عربية لتعديل مبادرة السلام العربية، وهو ما أشار له زعيم المعارضة الاسرائيلية هيرتسوغ ، بقوله خلال ندوة في مدينة كفر سابا « أن نتنياهو أبدى لأول مرة خلال المحادثات الائتلافية تجاوبا مع مبادرة السلام العربية»، والتعديل الذي يتم الحديث عنه، يتعلق بإعادة هضبة الجولان وحق عودة اللاجئين.

فمنذ إطلاق المبادرة قبل 15 عاما رفضتها الحكومات الاسرائيلية ، رغم أنها تضمنت تنازلات جوهرية عن الثوابت العربية التاريخية ،المتعلقة بالصراع مع الكيان الصهيوني، لكن يبدو أن التعديل الذي يتم الحديث عنه مغر لنتنياهو ، ويفرغ المبادرة من أي مضمون.

ويبقى التأكيد للمرة الألف أن الانقسام الفلسطيني، يشكل أكبر عقبة في طريق تحقيق تقدم في مسار القضية الفلسطينية ، سواء عن طريق المقاومة أو المفاوضات.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة