الخميس 2024-12-12 04:45 ص
 

سوريا في مواجهة العدوان: الحرب أو الاستسلام

08:03 ص

حتى الآن، ما تزال الضربة الجوية الإسرائيلية لسوريا، مفتوحة على الاحتمالات. هل هناك رد؟ الموقف معقد للغاية؛ فمن المعروف أن قدرات سوريا في مجال الدفاع الجوي قد تضررت بصورة مؤسفة جراء اعتداءات ' ثوار الناتو' ـ وربما نقول اليوم ' ثوار تل أبيب' ـ ممن استهدفوا، طوال أشهر، القدرات الجوية في بلدهم لحساب أعدائه. كذلك، فإن ثقل المعركة الداخلية كبير ومؤذ، والجيش مشغول بالقتال ضد الحملة الهمجية الإرهابية التي ما تزال تجد، في قلب سوريا، حواضن لها.اضافة اعلان

ثم أن الردّ على العدوان، قد يقود إلى حرب، بل ربما إلى حرب شاملة، بكل ما تنطوي عليه من مخاطر، وبكل ما تحتاجه من قدرات ربما يكون بعضها قد تعطّل، ودعم خارجي ربما لا يكون جاهزا، ولوجستيات مضروبة في عمق مفكك، ومعنويات متكسرة وسط انشقاقات داخلية ونازحين ولاجئين وجوع وعراء وبرد.
كل ذلك ـ وأكثر منه مما نعرف ولا نعرف ـ قد يعرقل القرار بالردّ على التدخل الإسرائيلي الوقح على خط الأزمة السورية، إنما، بالمقابل، لا يوجد مناص من الرد، للأسباب التالية:
أولا، يظل الرد ـ بالنظر إلى تجربة حزب الله في 2006 ـ ممكنا من دون دفاع جوي، ومن دون اجماع داخلي، وبالاعتماد على المنظومة الصاروخية ووحدات المشاة المضادة للدروع.
ثانيا، بغض النظر عن الهدف الفعلي الذي قصده القصف الجوي الإسرائيلي، فإن كلام الإسرائيليين عن ضرب قافلة سلاح من سوريا إلى المقاومة في لبنان، يدخل في صميم السياسة الإسرائيلية الآن نحو الأزمة السورية. وجدت تل أبيب أنه آن الأوان لإلغاء ستاتيكو الردع السابق و فرض قواعد جديدة : توجيه ضربات في المكان والزمان حسبما يختار الجيش الإسرائيلي في سوريا، ومنع امتلاكها أسلحة استراتيجية أو تطوير قدراتها في هذا المجال، ومنع تزويد المقاومة بالسلاح، وأخيرا، القيام بما عجز الجميع عنه، أي إقامة منطقة عازلة داخل الحدود السورية، بما يحوّل الإسرائيليين إلى لاعب داخلي في أي تسوية في سوريا.
ثالثا، صحيح أن إسرائيل لا تريد الحرب الآن، ولكنها تريد، حتما، تحقيق أهدافها الاستراتيجية في سوريا، وبالوسائل القتالية التي تشكّل جوهر قدرتها على التدخل في الأزمة السورية. وهي سترفع وتيرة هذا التدخل، أكثر فأكثر، كلما واجهت دمشق، الضربات، مكتوفة اليدين.
في الواقع، لم يعد هناك منجاة من الحرب أو الاستسلام. إسرائيل سوف تفيد من الفرصة المتاحة بلا حدود، ولن تتوقف إلا بالردع.
رابعا، الخشية من أن الرد السوري سيؤدي إلى عرقلة تسوية محتملة ومأمولة، لا أساس لها. بالعكس، فقد دفعت إسرائيل ـ من خلال عدوان لم يتم التصدي له وتحديد هدف ' مقبول' أميركيا لهذا العدوان هو منع تزويد حزب الله بالسلاح ـ واشنطن أمام فرصة رابحة للتراجع عن تفاهماتها مع روسيا، والعودة إلى التصعيد السياسي. لقد عاد البيت الأبيض اليوم للحديث الحازم على ضرورة وأولوية رحيل الرئيس بشار الأسد. وهي، بذلك، تريد عرقلة الحل، ومنح المعارضة المسلحة، المزيد من الوقت. ولا يمكننا عدم الربط، هنا، بين نجاح الإسرائيليين في التدخل العسكري في سوريا من دون ثمن، وبين التغيير السلبي في الموقف الأميركي نحو الأزمة السورية. وهو ما ينذر بانهيار كل الجهود الدبلوماسية الروسية منذ وثيقة جنيف حتى الآن .


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة