شبابنا الخائف وأحزابنا المصون .. هل صار الحزب غولاً ؟

الوكيل - علي عبيدات - تعتبر الأحزاب إحدى الظواهر البارزة في الحياة السياسية ولاسيما في الأنظمة الديمقراطية وذلك لما تقوم به من تنافس على السلطة وتجسيداً لمبدأ المشاركة السياسية إضافة إلى التعبير عن إرادة المجتمع بكافة أطيافه ومصالحه، وانطلاقا من هذه الأهمية في دنيا الحياة السياسية، ولعل الحزبيّة ثقافة شعب واختيارات شعوب آمنت بدور الفرد في المجتمع والتفت حول مصالح المواطن من منظور خدمة الوطن ومن فيه وطلباً لريادة المجتمع والظهور بأجمل صورة أمام كل دول العالم.

يعرّف الحزب السياسي على أنه مجموعة منظمة من الأفراد يمتلكون أهداف وآراء سياسية متشابهة بشكل عام، ويهدفون إلى التأثير على السياسات العامة من خلال العمل على تحقيق الفوز لمرشحيهم بالمناصب التمثيلية.


ترتبط الأحزاب بمفاهيم سياسية كبيرة كالديموقراطية والمشاركة السياسية حتى أن البعض يقول إن الأحزاب عماد الديمقراطية فإن الأحزاب السياسية أصبحت تضطلع بأدوار بالغة الأهمية داخل المجتمعات وخاصة أنظمتها السياسية غير أن هناك من يحلو له التمييز بين وظائف الأحزاب وفقاً لطبيعة النظام السياسي السائد (ديموقراطي أو شمولي)، وفي هذا الإطار ربما يمكن التفريق بين وظائف الأحزاب الحاكمة ووظائف الأحزاب خارج السلطة (المعارضة)، كما يتحدث البعض عن وظائف خاصة للأحزاب في البلدان النامية.

يقدم (سيجمو نيومان) و (ديفيد أبتر فيميز ) رؤى خاصة بوظائف الأحزاب ولا تنتهي الجدليات فيما يخص مهام الأحزاب السياسية سواء كانت ديموقراطية أو شمولية تنظم الإرادة السياسية للشعب والتسويق لمبادئ الحزب.، وقدم كثير من السياسيين والمنظرين مهام وأهداف منوطة بالأحزاب والحزبيين ويمكن أن نلخص هذه المهام في:

1- توحيد المصالح:

وهي أن تكون مطالب الناس بدائلا للسياسة عامة التي كانت موجودة في الدولة قبل نشأت الأحزاب، ويقول الموند عن تجميع المصالح ' إنه النشاط الذي تتوجه فيه مطالب للأفراد والجماعات ومصادرهم لتقوية اقتراح سياسي ذي مغزى وتصبح الاقتراحات ذات مغزى حين تكتسب مساندة مصادر سياسية قوية والأحزاب مهيأة بشكل خاص لتجميع المصالح فهي تسمي مرشحين يمثلون مجموعة من السياسات ثم تحاول أن تحشد التأييد لهم '.

ويقوم الحزب بجمع المصالح من خلال مؤتمراته ونشاطاته عبر الشكاوى والمطالب التي يستمدها من التجمعات النقابية والعمالية والهيئات الأخرى ليقوم الحزب بعد ذلك بالمساومة على تلك المطالب لتسويتها واقتراح سياسة معينة بديلة.

2- بسط نفوذ الحزب باستقبال الأعضاء:
وهي عمليه اختيار أفراد لشغل أدوار من نسق اجتماعي ما ليشغلوا المناصب الرسمية كرئيس مجلس الوزراء أو الوزير أو المحافظ أو عضو برلمان أو موظف إداري والمناصب الأخرى ليكون الحزب صاحب حضور ونفوذ في الدولة مساهما بالقرارات المفصلية وليحقق أهدافه وبرنامجه.

3- التوعية السياسية وصقل شخصيات شباب المجتمع:

وهنا يبدأ الحزب ببث القيم والاتجاهات السياسية والقيم والأنماط الاجتماعية ذات المغزى السياسي وهي عملية مستمرة يتعرض لها الإنسان عبر مراحل حياته المختلفة وقد تقتصر هذه العملية على مجرد نقل الثقافة السياسية من جيل إلى جيل وقد تستهدف إحداث تغيير جزئي أو شامل في عناصر ومكونات هذه الثقافة وتعتبر الأحزاب من المؤسسات الهامة التي تقوم بهذا الدور من خلال تكوين رؤية المواطن نحو المجتمع والسياسة عبر صحافتها أو ما تقوم به من نشاط تثقيفي.


6- يساهم الحزب بتفعيل وبث الحياة السياسية في المجتمع:

يقوم الحزب بنقل صوت المواطن الذي أقيم الحزب من أجله، وحتى المد والجزر بين المواطن والحكومة ما هو إلا تقوية للروابط الهيئة الناخبة والهيئة الحاكمة وأساس لقيام العمل العمل وفاعليّة المجتمع بكافة شرائحه.

7- الحزب عين المواطن على الدولة:

تراقب الأحزاب أداء الحكومة وأعمالها ومشاريعها وحتى سلوكها دراءً للفساد والشبهات والسرقات التي قد يبتلى بها المواطن باعتبار المواطن هو الأساس للعمل الحزبي ومن أجله تنشأ الأحزاب.


8- وجود الأحزاب وفاعليتها تدعيم لشرعية الدولة وكبح لجموح الشعب في أي وقت:

وجود الأحزاب في العملية السياسية تمنح النظام السياسي الشرعية والحق في الحكم فو قاطعة الأحزاب الانتخابات في دولة ما سيكون هذا مدهاة للشك بشرعيتها وتغول النظام، ليكون النظام في عيون الدول الأخرى نظاما شمولي استبدادي وهذا ما يرفضه أي حزب ولا يقبله الحزبيون.


نتمنى على مؤسسات الدولة أن تعيد صقل الشخصية الحزبيّة الناجعّة في جسد الشباب الأردني الواعي لكل ما يحدث والمواكب لكل تطورات العالم -فكرية اقتصادية سياسية- لنرى أحزاباً مشرقة يقودها الشاب وفق نظرتهم للدنيا وآراءهم التي صار من المستحيل أن تكون الأنظمة العربية عثرة في طريقها باعتبارنا في عصر الثورات والتغيير والتّغير.