الخميس 2024-12-12 03:29 ص
 

شو الكرزة؟

07:29 ص

كان الكاهن يصعد بواسطة درج خشبي بني اللون ومهيب الى حيث المنصة، فنبدو تحته صغارا. نحن اطفال صغار في الواقع، لكنني اتخيل أننا كنا نظهر أمامه أكثر ضآلة مما نبدو في الواقع.اضافة اعلان

كان صعود الكاهن يترافق مع انتهاء طقوس الصلاة، التي ينهيها بما يسمى(الكرزة)، وهي الخطبة أو العظة التي تكون موضوع الخطبة بعد كل صلاة، فقد تكون حول البر بالوالدين أو الكذب او ضرورة الصلاة، وما شابه ذلك من اخلاقيات أو أمور يومية .
المشكلة أن متطلبات الهيبة وقلة خبراتنا وأعمارنا، التي لم تكن تزيد الا قليلا عن عدد أصابع اليدين، تجعل من الكرزة طلاسما لا نفهم منها شيئا. نسمعها بكل عناية، لأنهم يسألوننا عنها في اليوم التالي، خلال الطابور الصباحي، ومن لا يعرف موضوع الكرزة كان يتعرض للتدليك المجاني من المعلم بخيزرانة المستدقة الرأس ذات الخبرة في النهش من أجسادنا...قلت، نسمعها بكل عناية، لكننا لا نفهم شيئا.
صباح الاثنين كان السؤال الدائم لدى الطلبة بين بعضهم هو عن موضوع الكرزة، ولم نكن نعدم من طالب سأل أحد أولياء أمره وعرف موضوع الكرزة، فكان (يتفشخر) علينا جميعا، ويقول لنا الموضوع بكل إباء وسؤدد. ولم تكن تهمنا فشخرته، بقدر ما كان يهمنا أن ننجو من خيزرانة المعلم، الذي يعتقد أن من لا يعرف موضوع الكرزة، فهو بالضرورة لم يحضر الصلاة الإجبارية صباح الأحد الفائت.
لا أتكلم هنا عن حسن النوايا والطوايا، بل أتحدث حول اختيار اللغة المناسبة في الوقت والمكان المناسبين، وأفضل الأساليب هو اختيار اللغة السهلة البسيطة التي تصل للجميع، تماما كما يقول الشاعر السوفييتي الكبير رسول حمزاتوف: أجمل الجرار تصنع من التراب العادي وأجمل الأشعار تكتب من الكلمات البسيطة فالأسلوب الأصح هو قول المعاني المعقدة بكلمات بسيطة، وهو بالتأكيد ليس قول المعاني البسيطة بكلمات معقدة.
كل ما أتمناه أن لا يضطر أحد القراء أن يسألني.... «شو الكرزة من هذا المقال؟؟؟؟» لأنني، ببساطة، لا أعرف ..كل ما في الأمر أن قفاي تذكر بعض عصي الأستاذ الشكاكة...ذات العصي التي علمتني أن أكون واضحا كالحب.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة