على مدار الأيام القليلة الماضية، نشرت 'الغد' تقريرين على درجة كبيرة من الأهمية، أحسب أنّه من المفترض أن يؤديا إلى نقاشات وجلسات حوار حقيقية، واهتمام من المسؤولين، فلا يمرّان مرور الكرام، لأنّهما يتعلقان بقضايا مفصلية وخطيرة.
التقريران مرتبطان بدراستين صادرتين عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي الأردني. الأول، عن المخدرات وانتشارها، ويشير إلى مستوى حجم الإقبال على المخدرات من قبل الشباب بنسب مرتفعة، ما يؤكّد أنّنا نتحدث اليوم عن 'آفة وطنية' حقيقية، وعن رخص أسعارها. كما انتشار ظواهر خطيرة من قبيل حجم الإقبال عليها من الفتيات، ومبادلة المخدرات بالجنس، وتعاطيها داخل السكن الجامعي، وانتشارها بين الفرق الموسيقية المتنقلة. فمثل هذه الظواهر تذكرنا بما آلت إليه الأمور في دول عربية أخرى انتشرت فيها المخدرات، وأدت إلى كوارث اجتماعية وأخلاقية، بدأنا نلحظ بعض نتائجها وآثارها في الأردن.
الدراسة الثانية (للمجلس الاقتصادي والاجتماعي أيضاً)، تتناول الأسباب والمؤشرات التي أدت إلى ضعف تنافسية المملكة في بعض المجالات والتصنيفات. وهي تتحدث عن مشكلات حقيقية في الموازنة والعجز، وضعف الإنتاجية والتعليم والبيروقراطية. وكلها مشكلات سبق تناولها من قبل المسؤولين وتحدثوا عنها، لكن من دون 'إجراءات واقعية' لعلاجها؛ فما نزال ندور في 'الحلقة المغلقة' ذاتها.
المهم في هذه الدراسة هو الجرأة في طرح معضلات اقتصادية وإدارية من دون مواربة، وهو المطلوب. إذ تتحدث عن حجم القطاع العام في المملكة، والذي يعدّ الأكبر عالمياً لنسبة عدد السكان، ويعاني في الوقت نفسه من الترهل ومشكلات البيروقراطية. وذكرت الدراسة أنّ إنتاجية الموظف الأردني من ضمن أدنى مستويات الإنتاجية عالمياً، وأنّ عجز الموازنة من ثالث أعلى العجوزات عالمياً كنسبة مئوية إلى الناتج المحلي الإجمالي، والدين العام من بين أعلى 18 عالمياً، والمدخرات الوطنية من بين أقل 6 عالمياً. كما تحدثت عن تراجع جودة التعليم في الرياضيات والعلوم في المدارس والتعليم عموماً، وعن تراجع نسب الإنفاق على البحث العلمي بالمقياس العالمي.
أيضا، تتحدث الدراسة عن القصورات في مجال القوانين والتشريعات، وتوصي بمراجعة 41 قانوناً، ومراجعة استراتيجية النقل العام، وعن أزمات السياحة والقطاع الصحي.
في المحصلة، لدينا معلومات ومؤشرات وأرقام ومعطيات على درجة من الأهمية، صادرة عن مؤسسة المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي أنشئ من أجل إعداد الدراسات ومتابعة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، كمركز تفكير وخبرة لتستفيد الحكومات من إنتاجه. ومن الضروري اليوم أن تطلعنا الحكومة على استجابتها لهذه الدراسات، والخطوات التي ستقوم بها لمواجهة آفة المخدرات بصورة أكثر فعالية ونجاعة. وثانياً، أن تتم مناقشة القضايا والمشكلات التي طرحتها دراسة التنافسية؛ ماذا يمكن أن نعمل على المديات القصيرة والبعيدة؟ ما هي خطط العمل المقترحة للتخلص من المشكلات العملية الآنية، وما الاستراتيجيات بعيدة المدى لمواجهة الأزمات البنيوية في الأوضاع الاقتصادية والمالية، مثل عجز الموازنة وحجم القطاع العام والبيروقراطية والبطالة والتعليم الحكومي؟
هذه الدراسات والتقارير مهمة ونوعية، وتساهم في تسليط الضوء على المشكلات وأسبابها. لكن ما لا يقل أهمية عن ذلك ألا تبقى مجرّد أوراق وأبحاث، فهي تتحدث عن واقع مرعب على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي، وعن تحولات اجتماعية وثقافية خطيرة. وحالة 'صمّ، بكمٌ، عميٌ' ستضاعف من الآثار الخطيرة في المراحل المقبلة، ما يصعّب المواجهة والعلاج.
المطلوب، أولاً، تجاوز حالة الإنكار. وثانياً، التشاركية، وهو مصطلح مهم. فمشكلة الدولة أنّ كل مؤسسة تعمل وكأنّها 'جزيرة معزولة' وسلطة قائمة بذاتها، فيما المجتمع المدني مغيب تماماً وكأنّه أمر تجميلي وثانوي في أحسن الأحوال، أو خصم في أحوالٍ أخرى.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو