الأحد 2024-12-15 09:48 ص
 

علاقة الملك بالشعب .. كيف تُقرأ ؟

02:29 م

لا أعتقد أن زعيماً عربياً او عالمياً قريب من شعبه يلتقيه في كل حين كما الملك عبد الله الثاني..فمن شمال المملكة الى جنوبها ومن جنوبها الى شمالها ووسطها..من المدينة الى الريف.. الى البادية.. يواصل الملك الالتقاء بشعبه، ويذهب اليهم في مواقعهم، يستمع اليهم ويتحدث معهم وهو هذه المرة يحذر من الاشاعات وكأنه يقرأ أشياء في الافق ويرى ان ثمة قوى تحاول ان تحول بينه وبين شعبه وأن ترسم للأردن صورة مختلفة تدفعه الى التأزيم وعدم التكيف والوقوع في مشاكل جديدة..اضافة اعلان

اذا كان الملك يصل الى كل قرية ومدينة وزاوية والى كل تجمع سكاني وعشيرة..يقرأ واقع الناس ويلمسه ويوجه فيه.. وهذه الحميمية التي يحظى بها حيثما توجه أو حل لا يكتشف جديداً ولا يصنع جديداً ولا يقيم بدعة وانما يعاود كما الفناه والفنا والده من قبله زيارة أهله وأبناء شعبه وعشيرته وعزوته..لا ينقطع عنهم وهو الاقرب الى حاجاتهم ومطالبهم وشكواهم..
العهد هو العهد والبيعة هي البيعة اذن..ولا حاجة لتجديد شيء سوى دفع العزيمة وتجديد الهمة وان يفهم كل طرف الاخر بشكل أفضل..أي ان يفهم النظام الشعب والناس وان تقدر الناس والشعب والمواطنين ضرورات الدولة واوضاعها..
أعتقد ان ثمة شقوق تسبب الدلف وتتسرب منها الاشاعات وتحاول بعض القوى ان تعشعش فيها وقد حان الوقت لرأب هذه الشقوق واصلاحها وعدم السماح باتساعها أو العبث من خلالها..هذه الشقوق يمكن اغلاقها بعملية الاصلاح السياسي والاقتصادي التي توفر المزيد من العدالة وتكافؤ الفرص وتوسيع التمثيل واعادة انتاج المكونات الاقتصادية والاجتماعية الوطنية وصونها وان تكون الشفافية والمسائلة حاضرة في كل سياق ومنعطف ونشاط..اذن يمكن الاصلاح بالقوانين المناسبة والقادرة على النفاذ والتطبيق والعصية على الاختراق والتجاوز من اي فئة أو مراكز قوى..عندها يجري استثمار هذه العلاقة المميزة والرائعة بين الملك وشعبه والتي نراها ماثلة امامنا في كل حين وهي علاقة سالكة ومرنة يحسدنا عليها الغير ويرى فيها المجتمع الدولي في الخارج نموذجاً للاحتذاء به..
لا تستطيع اي دوائر اقليمية أو اجنبية أن تزايد على الملك في علاقته بشعبه أو علاقة شعبه به فذلك أمر واضح لا يقبل الافتعال أو التظاهر به وهو موجود في شاشات التلفزيون وتقارير السفراء فالملك كان وما زال خيار الاردنيين الذين يجمعون عليه وهو اجماع لا يتوفر لاحد في الأردن افراداً أو جماعات أو مجموعات سياسية او حزبية ولوجود هذه الميزة النادرة في الزمن العربي والاقليمي والدولي الصعب فإن هذه العلاقات العملية والوجدانية التي ظلت تنمو عبر الممالك الأربعة ومنذ تأسيس الأردن كدولة مستقلة عام 1921 الى اليوم قادرة على ان تفرز وسائلها القادرة ايضاً على صيانة العلاقة وقطف ثمارها..فالزوابع والثورات والانقلابات التي وقعت في وطننا العربي وما زالت تقع وتقتلع وتبدل وتدمر هي بفعل سوء العلاقة بين الحاكم والمحكوم...وبين الراعي والرعية (لم ما زالوا يحبون هذا المصطلح) بين القائد وشعبه..
لقد جرى الاخلال بالعلاقة في كثير من البلدان وقد راكم ذلك حلول الانظمة الأمنية بدل السياسية..وحلول القمع بدل الحوار والتهميش بدل المشاركة..وتجميع المال بدل بناء الثروة..وسوء توزيع التنمية بدل توسيعها..
لم يأت الربيع العربي من فراغ..لقد جاء ليجيب على أسئلة الحرية والخبز ليصيب بالاقتلاع الاشجار اليابسة غير القادرة على الحركة أو الانحناء ويحدث ما حدث..
الأردن نموذج مختلف ما دام قائده قريب من شعبه وما دام شعبه يتمتع بوعي كاف للنهوض باصلاح عميق وجاد يوصلنا الى بر الامان ويأخذ بالأسباب ويقدم الحلول..
التحدي اذن هو في كيف يمكن استثمار العلاقة بين الملك وشعبه في اعادة بناء الأردن على أسس أوسع من العدالة..
ندرك صعوبة الحال الاقتصادية وتعقيداتها وحجم التحديات المصاحبة والخارجية ونمو قوى انتهازية تريد أن تركب موجة تعكير المياه..والتحدي هو في ضبط الايقاع وسط كل هذه الفوضى في الاقليم ووسط كل هذا الدمار والدماء وضياع الفرص..ألم يقل المتنبي لسيف الدولة وهو يصف ميزة الفارس:
وفارس الخيل من خفت فوقرها في الدرب والدم في اعطافها دفع
انها معركة التغيير والحياة والخبز...أصعب المعارك!


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة