الخميس 2024-12-12 07:48 ص
 

على سدة الانتظار

10:27 ص

إذا ما سارت الأمور وفق ما تعلنه الحكومة، ومضى الأردن في تنفيذ خريطته الإصلاحية، فإن الأردنيين سيكونون على موعد مع انتخابات نيابية جديدة خلال عامين.اضافة اعلان

مُهم ما سيتم إنجازه خلال المرحلة المقبلة، كون نتائجه ستلعب دورا حاسما في ترسيم المشهد المحلي الذي يكتنز شعورا عاما بالتشاؤم، يرافقه، إن لم يكن سببه الأساس، غموض بشأن ما ستؤول إليه الأمور مستقبلاً.
بعد عامين من الآن، ماذا سيجني الأردنيون؟ هل سيكون لدينا مجلس نواب مختلف عن الموجود الآن؛ لناحية نوعية النواب ومدى حرصهم على المصلحة العامة؟ وهل ستتوفر البيئة الحاضنة للارتقاء في مستوى الأداء السياسي الداخلي؟
ثمة معايير أساسية تحكم إمكانية تحقيق ذلك، يبدو أبرزها ماهية قانون الانتخاب المنتظر. وإذ تؤكد الحكومة أن (مشروع) هذا القانون جاهز بصيغته النهائية، إلا أن الدور الأساسي والحاسم هنا لمجلس النواب الحالي، والذي قضى أكثر من نصف عمره، يجعل التشكك وعدم اليقين هما المسيطرين بشأن إقرار القانون الضروري من عدمه.
على المجلس الحالي، إن كان يحرص فعلاً على الأردن أكثر من حرصه على مصالح أعضائه، أن يطلب هو نفسه ذاته بتسريع إقرار قانون انتخاب جديد. ذلك أن تحصين الأردن وزيادة مناعته في مواجهة كل ما يحدث في الإقليم، يتطلبان معادلة سياسية مختلفة، عمادها الإصلاح الشامل، وضمنه الإصلاح السياسي. فهذا هو السبيل الوحيد للمضي نحو المستقبل بثبات وطمأنينة.
حتى لو بقي إقرار مشروع قانون انتخاب جديد حتى اللحظة الأخيرة، فإن إيتاء الخطوة ثمارها يحتاج إلى أحزاب فاعلة، وقوى سياسية تنتمي إلى الميدان وتنخرط فيه، فتكون معبّرة بصدق، بالتالي، عن طموحات الشارع؛ مرتكزة في عملها إلى رؤية وبرامج واضحة. وهذا هو الشرط الثاني حتى نمضي إلى الغد بسلام.
الزمن يمضي، وتسارع أحداث الإقليم وتعقدها يستلزمان إعادة نظر في خريطة الطريق الأردنية، ومحاولة تسريع السير بها قدر الإمكان. فالإصلاح السياسي المطلوب كفيل بتبديد شكوك العامة بشأن مدى الجدية على هذا الصعيد، لاسيما أن هذا الإصلاح هو الوصفة الكفيلة بتخفيف أعراض 'العصاب الاجتماعي' الذي يصيب الأردنيين، تعبيرا عن تطلعهم إلى لعبة سياسية مختلفة المقادير والأدوات.
ثمة أصوات تؤكد أن الحرب على الإرهاب هي أولوية المرحلة، وهذا صحيح. بيد أن النتائج لن تكتمل إلا بعمل مواز على المستوى السياسي، ينير للناس ضوءا في آخر النفق شديد العتمة.
في إطار المسار المطلوب، تتجلى أيضا أهمية قانون الأحزاب الذي أُقرّ بدوره من قبل الحكومة، ويفترض أن يرفع إلى النواب. إذ بغير قانون أحزاب عصري يشجع الشباب على الانخراط في العمل السياسي المنظم، سيبقى شبابنا عرضة للفراغ والتهميش الذي يأخذهم إلى خيارات متطرفة، لكنها من وجهة نظرهم تمثل طريقا للمشاركة ولعب دور، حتى وإن كان دمويا.
الفراغ الذي يتركه غياب الحياة الحزبية تملؤه العناكب، كما يقال. هكذا، يكون تأسيس أحزاب حقيقية مصلحة للأردن ككل، وليس مجرد استجابة لمطالب نخبوية.
في إطار ترتيب البيت الداخلي، ثمة حاجة ملحة لإعادة ترتيب الأولويات، اختصارا للوقت الذي لا يستفيد من إهداره إلا الفكر المتطرف المعتاش فعلياً وحقيقة على مآزق الآخرين. ففي العراق، وجد هذا الفكر ضالته في أبناء السُنّة الذين عانوا التهميش والإقصاء منذ العام 2003. وفي سورية أيضاً، لعب التطرف على التناقضات حد السيطرة الراسخة.
دعونا لا نترك شباب الأردن لقمة سائغة للفكر المتطرف، وذلك بأن نرسم طريقا آمنة تجنبنا الدخول في النفق الذي تاه فيه كثير من الدول العربية التي تتوالى ويلاتها، اللهم باستثناء تونس، ومن ما يزال على سدة الانتظار.
 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة