الوكيل - الكاتبات السعيدات اللاتي صدّعن رؤوسنا بالحديث عن الهيمنة الذكريّة والمجتمع الأبوي، تقرأ أدبهن، فإذا هو شرفةنصبت لعبادة الذكر، وإذا بهن يقدّمن قرابين الكلام على مذبح الذكورية المهيمنة، ويرفعن الصلوات المعطّرة ببخور القُدسيّة، والتراتيل العذبة المفعمة بالخضوع والتوسّل، والأنوثة المستسلمة: للذكر الّذي أشبعنه قدحاً وذمّاً ومهانة، في كتاباتهن الأكاديميّة!
لا بأس فالفصام هو نمط الشخصيّة العربيّة هذه الأيّام، فلا تثريب عليهن!وقد قال الله سبحانه وتعالى ‘ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه’، أمّا المرأة فلا نعلم كم من القلوب القلّب في جوفها؟! أو أنّه قلبٌ واحد كُلّما قطعته نبت آخر، كما زعم زياد ابن أبيه!
ولكي أنتصر لضلعيَ هذه الإشكاليّة، أقول إن الذكر نجح في إلهامهن النصّ الجميل العذب، والحبكة المتقنة، فلِمَ يستحقُّ كل هذا الجحود؟!
كاتبة واحدة وددت لو أفردها من بينهن، جعلت الرجل جزءاً من قضيتها الكبرى، قضيّتها الأم، قضيّة الوطن، ولكنّها وبسخاء الأنثى أفردت له ركناً تناجيه فيه، ومع ذلك تلتئم الحبكة بلا خلل، الخاص والعام!الوله لا يغيب، الهمس الحالم والنجاء الطويل، والصوفية المتجردة من ذاتها، لحساب المعشوق النبيل، عالي الصيت!حتّى حين يخون ويغدر أو يهجر، فذنبه مغفور، وعذره مقبول، ويُسقِط ُعليه النّص حالة الضلع الأعوج، الّذي لا يستقيم، وهو قلبٌ جميل للحالة، ووضع للذكر في موقع الأنثى، في تبادلٍ للأدوار يتيح رؤيةً للآخر من خلال الذات، مُهيّئاً مناخ التعاطف، في هذه المرآة المتحيّزة للذكورة، فعن أي ذكورية نتحدّث بعد ذلك، في مقالاتنا المفرغة من الشحنات، والمطروحة خارج إطار التجربة، لا بل خارج إطار الذاتيّة من الأساس، فهي والحالة هذه بضاعة كاسدة، نجتهد في تسويقها، بكل فنون العرض، وهذا هو الفرق بين الإبداع والادّعاء، بين الصدق والمكابرة، بين الأنثى الحقيقية المُقشّرة، وتلك الملتحفة بمعاطف السوق! سوق الموضة الفكريّة بالطبع!
تتذرّعُ نصيرات الأنثويّة’feminism’ بسيمون دي بوفوار! مضمون خطاب سيمون في كتابها المُصيّت:ا’لجنس الآخر’:أنّ المرأة في وضعها التاريخي الراهن، تابع يدور في فلك الرجل، فهي تسعى لإرضاء هذا السيّد بكل ما تطيق، ورُبّما ما لا تطيق:فإذالبست الكعب العالي، أو انتضت أيّ سخافة من سخافات الموضة، فذلك لأنّ شيطانه وسوس له أنّها ستبدو في عينيه أجمل، بمظهرها المستعار، في حين أنّها لو تركت لخيارها الحُر، بعيداً عن تفضيلاته البهلوانية، لاختارت أكثر الثياب والأحذية إراحة لجسدها، وإتاحة لحركتها!ولذا تجد مالكي دور الأزياء ومصمميها من مجتمع الرجالّ!
ومع ذلك يضعن الكلام على لسانها، ويؤوّلن كلامها هذا على أنّه انتصارٌ للأنوثة، ثمّ يعدن بالسؤال على أنفسهن: أليس هذا بحق؟!
لا بد من التنويه أنّ مصطلحات مثل، الأنثويّة، الذكوريّة والمجتمع الأبوي، لا مكان لها في السياقات العلميّة، وليس لها ذِكرُ في أي دراسة أكاديمية معتمدة! إنّها مجرّد مقولات صُحُفيّة تمّ ترويجها، إنّها جزء من حملة الصالونات الثقافيّة الّتي تستهدف الإمتاع وإشغال الوقت، وملء فراغ الروح الّذي تعاني منه الحضارة الغربيّة، وإلّا ما سرّ هذا النواح الطويل في الأغاني والموسيقى الغربيّة عن الحب؟ والجواب إنّه رثاء للعزيز المفقود الّذي قضت عليه تلك الحضارة! ودعنا نحمد الله أنّ كاتباتنا لا زلن يمجّدننا، حين يخلون لأنفسهن، بعيداً عن التأثيرات المصطنعة، وسواءً كان هذا التمجيد عاطفة مشبوبة، أم خيالات جنسيّة، إلّا أنّ الملهم واحد، وهو نحن الرجال على أيّة حال!
وأخيراً لا بدّ أن أنوّه أن ّ الخطاب الذكري هوخطاب لغوي يشمل الجنسين، ولايفرد الذَكَرَ دون الأنثى، في سياق الخطاب العام، وذلك بالإشارة إلى الآية الّتي استشهدت بها في بداية هذا الحديث، فهذا من مكر الكُتّاب الرجال، وعذراً لمن سقط في الفخ!
ولعلّكم لاحظتم أنني لم أورد أسماءً ولم أقتبس نصوصاً، فآخر ما أريده أن أدخل في سجال مع النساء، ينتهي حتماً بهزيمة منكرة، لي أنا بالطبع!
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو