عندما فضح "قروي بسيط" قصة الطيار السوري المنشق ..

الوكيل - كلاكيت أول مرة لوزير الإتصال الأردني الزميل سميح المعايطة على محطة الجزيرة في مكتبه برئاسة الوزراء : هبطت طائرة عسكرية سورية في مدرج قاعدة الملك حسين الجوية في تمام الساعة كذا ظهر اليوم .. إلخ.اضافة اعلان


.. الوزير هنا لم يحدد نوع الطائرة فإتصل بي زميل متمرس بعمل الفضائيات : هي هي ميج 21 أو ميج 29 ؟.

كلاكيت ثاني مرة لكن على شاشة العربية ومعها تلفزيون الحكومة لنفس الزميل الوزير : هبطت طائرة مقاتلة سورية يقودها العقيد حسن مرعي الحمادة وهي من طراز ميغ 21 ... إلخ.


كلاكيت ثالث مرة لنفس الرجل على عدة شاشات هذه المرة مع محاولة للإجابة على السؤال التالي : ما هو مصير الطائرة ؟.. الوزير سارع للإجابة: هذا شأن يخص القوات المسلحة .

..طبعا الشأن برمته يخص القوات المسلحة لكن السؤال الذي تبادر لذهن الجميع هو التالي : لماذا وخلافا للعادة أعلنت السلطات الأردنية الحكومية حصريا عن هذا الحادث وبصورة مضخمة مقصودة علما بأن المشهد الأردني السوري مليء بالمفاجآت المخفية والتي لا يستطيع الإعلام التحدث عنها حتى وإن توصل لها في بعض الأحيان؟.

إرتبك القوم في المنطقة وإشتعلت السفارات لحبك رواية لقصة الطيار السوري الوسيم الذي إستعد فيما يبدو للرحيل بوسيلة نقله التي يزيد عمرها عن 50 عاما فأرسل عائلته لعمان قبل مغادرة نظام التسامح والصبر وطول البال والحنان الذي يقوده جراح العيون بشار الأسد.

المواطن الصحافي

القصة بسيطة ولها علاقة بمبدأ (المواطن الصحافي) الرائج في عالم الإلكترونيات فبين الناس اليوم شبان صغار مستعدون لفضح كل شيء ..هؤلاء لا يتقاضون راتبا، ولا يخضعون لرئيس تحرير أو لقانون مطبوعات .

ولا تستطيع السلطات ضبطهم وهم مراوغون بكفاءة يفلتون من كل المطبات التي نعيش معها نحن معشر الصحفيين المهنيين فيزودون الفضائيات والإلكترونيات بأي لقطة عشوائية سرعان ما يظهر لاحقا بانها ذات قيمة مذهلة أو تفضح سرا .. على ما أعتقد حصل ذلك في قضية تصفية أسامه بن لادن في المخبأ الصيفي السري في الباكستان.

.. أحد هؤلاء الصبية المغامرين في المنطقة المحاذية لمدينة الرمثا لاحظ طائرة العقيد المنشق تقترب وتجتاز الحدود فإستل هاتفه الخلوي بكل بساطة وسجل لها بعض اللقطات وخلال دقائق كان المشهد على يوتيوب فدخل الإعلام الكوني على الخط وفضح أمر الطائرة.

هذا المراسل الصحفي المتبرع الفضولي اللماح أجبر وزارة الدفاع السورية بعد نحو ساعتين على الإعتراف بهروب الطائرة والطيار رغم أن التقارير تتحدث عن سبع طائرات هربت قبل ذلك ..لاحقا الشاب القروي البسيط أجبر الوزير الأردني على الوقوف أمام الملأ للتحدث بشان عسكري.
..هذه هي القصة بإختصار وببساطة ومن يتابع فضائية العربية مثلا وهي تغطي الموضوع السوري يلاحظ كيف تعتمد مع الجزيرة على لقطات المصورين الهواة داخل سوريا والإستخلاص النهائي : المغامرون الهواة من المواطنين المراسلين يخلطون كل الأوراق فبعد اليوم لا أسرار في العالم وبين الدول ولا مبرر لأنظمة الإستخبارات ..مجرد هاتف خلوي بيد صبي أو فتاة كفيل بكشف أكبر الأسرار وأهمها .. إذا لم تصدقوني إسألوا واحدا من ثلاثة أشخاص : بشار الأسد أو سميح المعايطة أو حتى النجمة نانسي عجرم .

وإذا لم يعجبك أي من الثلاثي المشار إليه فقط إقرأ أسفل شاشة أي محطة أو موقعها الإلكتروني : سجل ما حولك من أحداث وأرسل الشريط على الرابط التالي.

ستون دقيقة وسحب الجنسيات

رئيس الوزراء الأردني فايز الطراونه ظهر خصيصا في برنامج (60 دقيقة) الأكثر شهرة على شاشة الفضائية الأردنية لكي يوصل رسالة جديدة في مسألة سحب الجنسيات عبر البرنامج الذي تقدمه الإعلامية الشابة عبير الزبن حيث حضر موضوع سحب الجنسيات وقرار فك الإرتباط لأول مرة على الشاشة الأردنية اليتيمة بصورة تستحق فعلا زغروته أو زلغوطة على الطريق الشامية فطوال 12 عاما تعرضت كل الشاشات العربية والأجنبية للموضوع باستثناء الأردنية التي التزمت بقاعدة (عرس عند الجيران).

المهم صاحبنا الرئيس قال كلاما طيبا ومكررا في الواقع عن دائرة المتابعة والتفتيش التي تتجاوز صلاحياتها مطمئنا الأردنيين بعدم الخوف على جنسياتهم مصرا على أن الجنسيات مسألة تخص ولاية مجلس الوزراء وينبغي أن تنظم عبر قانون الجنسية الأردني وليس عبر تعليمات تابعة لوزارة الداخلية .

طبعا لم ينس الرجل الإطراء على (شريحة) الأردنيين من أصل فلسطيني..تخيلوا نصف الشعب على الأقل يسمى (شريحة) ..ما علينا المهم ما يقوله الطراونه هو نفسه ما يقوله كل المشتكين من تكرار ظاهرة سحب الجنسيات ..السؤال الأن: ما دام رأي الحكومة مطابق لرأينا فمن الذي يسحب الجنسيات ؟...هل هو اللهو الخفي؟...للعلم فقط قبل ساعات من خطبة رئيس الوزراء التلفزيونية كانت السلطات تستعد لسحب الجنسية من مواطن أردني دخل أحد المستشفيات للعلاج.

الفلول والمسحال

كأن الشاب ثامر المسحال إعتاد على الإقامة في مواطن التوتر فقد رأيناه مجددا وبروح المراسل التلفزيوني القتالية يذوب في قلب ثوار الميدان وسط القاهرة ويطل مجددا بصوته المتحمس وقامته القصيرة ليسجل للجزيرة إيقاع الميدان الثائر.

واضح أن هذا المراسل الشاب يجيد فن الإقامة وسط بؤر التوتر فبعدما رصدناه بخوذته الشهيرة تحت الطائرات الإسرائيلية وبين أكوام الجثث والدمار في قطاع غزة المحاصر رأيناه يتجول في أروقة تونس ليحكي لنا قصصا عن نظام بن علي وما خلفه من دمار في الأنفس والأحجار والروح والأجساد.

لاحقا إنتدبت الجزيرة الشاب الغزي لتنشيط عملها في القاهرة فدخل عمق الجماهير وأرسل تقارير دسمة تظهر خبراته الواضحة التي تعتمد على الجرأة والحماس ومعرفة المكان الذي ينبغي أن توثق منه الكاميرا.

بالنسبة لي أنا معجب بهذا الشاب وأشد على يديه وأزعم أنه في طريقه لكي يثيبت لنا بأن عبارة (المراسل الحربي) ليست حكرا على زملائنا الأجانب .

مسألة أخرى في غاية الأهمية بطلها المسحال فالرجل يقول ضمنيا لمحطة الفراعين المتخصصة في الترويج للحصار على غزة بإسم الفلول : لا تقلقي فلدى أهل القطاع الثائر خبرات واسعة ومتخصصة يمكنها التحدث عن واقعكم المصري .

القدس العربي