الأحد 2024-12-15 05:56 م
 

غداً .. في رام الله: العهـد هـو العهـد

10:29 ص

بدأ «الهم» الفلسطيني بالنسبة للأردن مع بدايات القضية الفلسطينية أي عندما أطلق وزير الخارجية البريطاني الأسبق جداًّ آرثر جيمس بلفور وعده المشؤوم في عام 1917 بل وقبل ذلك بعام واحد عندما وقعَّ وزيرا خارجية فرنسا وبريطانيا في عام 1916 مارك سايكس وجورج بيكو إتفاقيتهما المعروفة التي قسما فيها الشرق الأوسط العربي بمعظمه ووضع فلسطين تحت الإنتداب البريطاني توطئة لإقامة الدولة الإسرائيلية في عام 1948 وحيث، كما هو معروف، لم يلتزم قادة الحركة الصهيونية بحدود هذه الدولة وبقوا هُمْ ومن تبعهم يتوسعون إلى أنْ وصلوا إلى نهر الأردن في حرب حزيران (يونيو) عام 1967 وإلى هضبة الجولان السورية وأيضاً إلى قناة السويس وإحتلال سيناء المصرية كلها .اضافة اعلان


ولعل ما يجب أن يقال لأبنائنا وأحفادنا ومن يماثلهم في أعمارهم من أبناء الشعب الفلسطيني الذي لولا إعتراض مسيرتنا ومسيرته بالعديد من المؤامرات لكنا الآن دولة واحدة تضم فلسطين كلها وفي إطار وطننا العربي الكبير، الذي ها هو يتمزق مجدداً و(طائفياً) أمام عيوننا، لكن وفي كل الأحوال فإن الأردنيين بقوا يعتبرون أن كل غربيِّ نهر الأردن، الأرض والشعب، يشكل أمنهم وبقوا ينظرون إلى فلسطين بشعبها، الشعب الفلسطيني، على أنها أرضاً سليبة ستعود إلى أهلها مهما طال الزمان ومهما تجذرت المؤامرة الدولية التي حولت هذا الوطن الكبير إلى كل هذه الخرائط «الفسيفسائية» التي نراها الآن.

إنني أقول هذا كله لأنني عشت وجع نكبة عام 1948 عندما كنت طفلاً شاهد زمهرير شتاءٍ قاسٍ يعصف بخيم مخيمٍ «لاجئين» أقيم مؤقتاً في قرية العالوك قريتنا للأشقاء الذين أخرجتهم المؤامرة الدولية من وطنهم الذي لا أجمل منه وطن ونثرتهم في أربع رياح الأرض ولأنني بقيت أعيش هذه المأساة منذ عام 1967 وحتى حصار بيروت في عام 1982 وإلى أن شرفني (أبو عمار)، رحمه الله، بأن أكون أحد الذين رافقوه في تلك الرحلة البحرية التي أخذته إلى عالم بلا حدود وبلا نهاية والتي إنتهت به في قطاع غزة ثم في الضفة الغربية وحيث حاصره الإسرائيليون ومن كان معه من رفاق المسيرة.. العسيرة الطويلة في مبنى المقاطعة، في رام الله، كما كانوا حاصروه في العاصمة اللبنانية ولثلاثة شهور قاسية وطويلة .

ما أود أن أقوله هو إنني كنت أحد الذين رافقوا جلالة سيدنا عبدالله الثاني ابن الحسين وجلالة الملكة في أول زيارة قاما بها إلـى مبنى المقاطعـة فـي رام الله، الذي كان أحد مراكز الجيش العربي عندما كانت الضفة الغربية والضفة الشرقية توأمان يشكلان المملكة الأردنية الهاشمية.. ويومها شاهدت كيف أن تلك الزيارة الكريمة كانت بمثابة زيارة للأردنيين كلهم لـ»بلدهم» ولـ «أشقائهم» وكيف أن المستقبلين وفي مقدمتهم (أبو عمار) كادوا يطيرون فرحاً وهم يستقبلون ويحتضنون إخوة وأشقاء سيبقون إخوتهم وأشقاءهم إلى أن يرث الله الأرض وما عليها .. إلى يوم القيامة .

غداً الإثنين سيتكرر هذا المشهد عندما تهبط مروحية جلالة سيدنا في مبنى المقاطعة في رام الله وعندما ستكون في إستقباله ليس فقط القيادات الفلسطينية كلها وعلى رأسها الأخ الكبير محمود عباس (أبو مازن) وإنما قلوب أبناء الشعب الفلسطيني كله .. الذين في حيفا ويافا والناصرة واللد والرملة في فلسطين المحتلة منذ عام 1948 والذين في جنين ونابلس وطولكرم والقدس.. القدس التي في قلوب الأردنيين كلهم والخليل.. والذين في غزة هاشم التي كانت إحتضنت الإمام أبو عبدالله محمد بن إدريس الشافعي عندما كان طفلاً في حضن أمه.

غداً سيشعر «الأشقاء»، الذين قلوبنا عندهم وقلوبهم عندنا، أن جلالة سيدنا لهم كما هو لنا وأن العهد لا يزال هو العهد وأن المؤامرة التي تستهدف الشرعية الفلسطينية سوف تسقط كما سقطت مؤامرات سابقة كثيرة وأن الحفاظ على هذه الشرعية هو حفاظ على وحدة الشعب الفلسطيني وبخاصة في هذه الظروف القاسية والصعبة وهو دعم لإستقرار الأردن الذي يستند إستقراره إلى قيادة شجاعة وحكيمة وإلى شعب مخلص متماسك.. وإلى الجيش العربي الذي يعرف ببسالة جنوده وضباطه أشقاؤنا غربي النهر الخالد منذ عام 1948.. وحتى السموع في عام 1966.. وإلى الكرامة .. وحتى الآن.. وإلى تماسك الأشقاء في فلسطين .. في كل فلسطين .

 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة