الوكيل الاخباري - قال محافظ البنك المركزي الأردني الدكتور زياد فريز إن الاقتصاد الوطني تجاوز تداعيات الصدمات الخارجية الأصعب في هذه المرحلة، 'وإن بمقدوره العودة إلى مسيرة التعافي في معدلات النمو التي حققها في سنوات ما بعد الازمة المالية العالمية وخاصة على المدى المتوسط'.
وأضاف في اللقاء السنوي للأسرة المصرفية، الذي نظمته جمعية البنوك في الأردن، مساء امس، أن هذه النظرة الإيجابية للاقتصاد الوطني 'تشاركنا بها تماما مؤسسات دولية وعلى رأسها صندوق النقد والبنك الدوليين، مشيرا إلى أن الصندوق أنهى زيارة للمملكة لمناقشة البرنامج الوطني الجديد للإصلاح، حيث قدر النمو الاقتصادي خلال عام 2016 حول 3 بالمئة، مستندا في ذلك إلى توقع تباطؤ زخم التراجع الذي شهدته بعض مؤشرات القطاع الخارجي وتحسن بعضها.
وأكد المحافظ ان الأردن يواجه الصدمة الجديدة، المتمثلة بتدهور الوضع الأمني في سوريا والعراق وتداعياته الاقتصادية على المملكة، بموقف أفضل بكثير من موقف الاقتصاد خلال الصدمة السابقة، مشيرا إلى أن مستوى عجز الموازنة وعجز الحساب الجاري وخسائر قطاع الطاقة حاليا أقل بشكل كبير من السابق.
وبين أن احتياطيات البنك المركزي بلغت مستويات مريحة جدا، وهو ما انعكس على مؤشرات سوقية مهمة، حيث بلغ معدل الدولرة (تحويل العملة الوطنية إلى الدولار) اليوم 17 بالمئة مقارنة مع 8ر24 بالمئة في عام 2012، ويبلغ سعر فائدة السندات الحكومية لخمس سنوات 123ر4 بالمئة مقارنة مع 750ر7 بالمئة في نهاية عام 2012، كما يبلغ العائد على سندات الحكومة الدولارية التي أصدرت العام الماضي 3ر5 بالمئة مقارنة مع 3ر6 بالمئة عند إصدارها.
وقال الدكتور فريز في تشخيصه لواقع وتحديات الجهاز المصرفي، إن انخفاض أسعار النفط وأسعار الفائدة بشكل عام سيساهم في تعزيز الطلب المحلي وتعويض جزء من انخفاض الطلب الخارجي، وانخفاض كلفة خدمة الدين بشكل ملموس.
وأضاف أن هناك إدراكا متزايدا على المستوى العالمي لدور الأردن المحوري في المنطقة، ومن المتوقع أن يترجم في تعزيز الدعم الذي يتلقاه الأردن، 'ولعل مؤتمر المانحين في لندن الذي عد أخيرا شاهدا على ذلك ومخرجاته تتجاوز المساعدات المالية لإمكانية فتح أسواق الاتحاد الاوروبي'.
وقال المحافظ أن مشاورات الأردن مع صندوق النقد الدولي وصلت إلى مراحل متقدمة للدخول في برنامج جديد يركز على الإصلاحات الهيكلية المحفزة للنمو وتخفيض مستوى المديونية، الأمر الذي من شأنه المساعدة في تجاوز تبعات هذه الصدمات الخارجية الجديدة .
واضاف ان المنطقة ما زالت تعيش منذ بضع سنوات حالة من عدم الاستقرار السياسي والأمني، وشهدت بعض الدول المجاورة صراعات عسكرية امتدت تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية والأمنية إلى العديد من الدول داخل وخارج المنطقة، ومن بينها الأردن، وهو ما أثر سلبا على كلفة مستوردات الطاقة منذ بداية الربيع العربي وعلى السياحة والاستثمار الأجنبي والصادرات.
وزاد أن هذه التحديات ادت إلى واقع اقتصادي صعب من حيث عجز الموازنة وخسائر شركة الكهرباء وارتفاع كلفة خدمة المديونية وانخفاض احتياطيات المملكة والسيولة في الجهاز المصرفي، ورافق ذلك ارتفاع الديون غير العاملة في الجهاز المصرفي، وهو ما واجهه الأردن بكفاءة واقتدار ضمن البرنامج الوطني للإصلاح 2012-2015.
وقال إن نتائج البرنامج أثمرت عن بدء الاقتصاد الأردني بالتعافي من الضغوطات الحادة التي تعرض لها منذ عام 2010 ووصلت ذروتها في عام 2012 في أعقاب الازمة المالية العالمية وارتفاع أسعار النفط والانقطاعات المتكررة للغاز المصري، والذي تزامن مع تداعيات الربيع العربي وبدء تدفق اللاجئين السوريين إلى الأردن، وسجلت معظم المؤشرات الاقتصادية تحسنا في أدائها، حيث انخفض عجز الموازنة الى 3ر2 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي عام 2014، وتم معالجة خسائر شركة الكهرباء بشكل ملموس، كما تراجعت معدلات التضخم، وعجز الحساب الجاري ليصل الى 3ر7 بالمئة من الناتج.
وأضاف أنه كان للجهاز المصرفي دور كبير في تجاوز تلك المرحلة بحصافة إدارته وتعاونه لتجاوز تلك التحديّات، وكان أداء المملكة محط تقدير المؤسسات الدولية الاقتصادية والمجتمع الدولي، 'حيث أنه ليس من السهل إجراء إصلاحات كبيرة في ظل البيئة التي عاشها الأردن خلال تلك الفترة'.
وأكد الدكتور فريز أنه منذ 2015 بدأ الاقتصاد الأردني يواجه موجة جديدة من الصدمات الخارجية، حيث شهدت المنطقة وبعض دول الجوار، وخصوصا العراق وسوريا، مزيداً من التدهور والانفلات في أوضاعها الأمنية أدى إلى إغلاق شبه كامل لطرق تجارة المملكة المنتهية في هاتين الدولتين أو المارة عبرهما إلى دول أخرى مثل تركيا ولبنان ودول الاتحاد الاوروبي.
وكشف أن التوقعات كانت تشير منذ البداية إلى أن عام 2015 سيكون عاما صعبا على الاقتصاد الوطني 'وبالفعل تراجع النمو الاقتصادي إلى 4ر2 بالمئة' انعكاسا للتراجع في الصادرات الوطنية ومقبوضات السياحة والاستثمار الأجنبي المباشر بنسب متفاوتة.
وقال إن الأردن تأثر بشكل ملموس بتبعيات تراجع أسعار النفط العالمية والدول المنتجة وهو ما أثر على صادراتنا وحوالات العاملين والدخل السياحي، وانعكست هذه التطورات على تراجع الصادرات بنسبة 1ر7 بالمئة، وتباطؤ نمو حوالات العاملين الى 5ر1 بالمئة وعدم تحقيق المستوى المنشود من عجز الموازنة لعام 2015، منوها إلى ان التراجع في الصادرات وحوالات العاملين استمر في أول شهرين من العام الحالي.
وأضاف أن الناحية الإيجابية التي تمخضت عن انخفاض اسعار النفط وإنجاز ميناء الغاز ومشاريع الطاقة المتجددة هي خفض فاتورة الطاقة بشكل ملموس لتبلغ حوالي 9ر9 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة مع 4ر21 بالمئة في 2012.
وحول أولويات الإصلاح في السنوات الثلاث المقبلة، أكد الدكتور فريز أن الأولوية تركز على التصدي لمشكلة المديونية وأعباء خدمة الدين وإجراء إصلاحات هيكلية تحفز النمو وتساعد على تجاوز مشكلتي الفقر والبطالة.
وقال إنه ورغم اجراءات الضبط المالي والإصلاحات في مجال الطاقة التي تم إنجازها، نحتاج إلى التأكيد على استدامة واستمرارية الدين العام، ومواجهة الاحتياجات التمويلية، من خلال استكمال منظومة الاصلاحات المالية، وقطاع الطاقة، ومواصلة اتخاذ مزيد من الإجراءات لتحفيز النمو الاقتصادي، وخصوصا في مجال تحسين مناخ الاستثمار، وعدم الإفراط بالتوسع في الانفاق عبر المزيد من الاقتراض.
وأشار إلى أن الحكومة ماضية في تنفيذ المزيد من السياسات والإصلاحات الهيكليّة الهادفة إلى المحافظة على ما تحقق، وتصحيح الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد، لتعزيز فرص العمل وبيئة الاستثمار وتشجيع الصادرات ورفع معدل المشاركة الاقتصادية، وخصوصا للمرأة، وتحقيق المزيد من المواءمة بين مخرجات التعليم وحاجات سوق العمل وتعزيز بيئة الأعمال، ضمن إطار برنامج إصلاح وطني جديد، من المتوقع أن يتم دعمه من قبل المؤسسات الدولية والمانحين وخاصة صندوق النقد الدولي أواسط هذا العام.
وأعرب عن أمله بأن يسهم البرنامج في إعطاء زخم إضافي للنشاط الاقتصادي بعد نجاح البرنامج الماضي الذي انتهى في شهر آب 2015، في استعادة الاستقرار الاقتصادي الكلي وإنجاز إصلاحات مهمة في قطاع الطاقة ومالية الحكومة.
وقال إن مسيرة الجهاز المصرفي في المملكة 'ناجحة وتستحق الإشادة' ولم يأت ذلك إلا بفضل الإدارة الحصيفة في الجهاز المصرفي، وامتثال البنوك لتعليمات البنك المركزي ولأفضل الممارسات والمعايير الرقابية والمحاسبية الدولية، ولما تمتلكه البنوك أيضا من خبرات وتجارب متميزة وسياسات فعّالة في ادارة المخاطر، أسهمت في تعزيز قوة ومتانة أوضاعها المالية، والارتقاء بقدرتها على امتصاص أي صدمات غير مواتية في بيئة العمل المصرفي والاقتصاد الكلي.
وأكد أنه ورغم من الأوضاع الاقتصادية الصعبة في عام 2015 فقد بقي القطاع المالي والمصرفي ركيزة أساسية وعاملا مهما في الحفاظ على استقرار الأداء الاقتصادي الكلي، وأضطلع بالدور الأهم في قيادة دفة النمو الاقتصادي، ويتضح ذلك من ارتفاع نسبة مساهمته في النمو الاقتصادي والتي تجاوزت 20 بالمئة من معدل النمو المتحقق خلال عام 2015.
وبين أنه رغم الإنجازات، فإن مسيرة التطوير وتعزيز متانة الجهاز المصرفي يجب أن تستمر خصوصا في ظل ما تمر به المنطقة من ظروف عدم استقرار، ويأتي في أولويات ذلك تعزيز الحوكمة كثقافة في الجهاز المصرفي لضمان تضافر عقول وخبرات جميع الأطراف لاتخاذ القرارات المناسبة واستثمار الفرص المتاحة وإدارة المخاطر في بيئة صحية من المسؤولية والمساءلة والشفافية.
ولفت إلى أن البنوك قامت بالعديد من الاجراءات الرامية الى تطوير سياساتها الداخلية وتعزيز أنظمة الربط والرقابة الداخلية، ومواصلة التركيز على إدارات المخاطر لديها، فضلا عن تعزيز اوضاع الامتثال لديها.
وأشار إلى بعض الجوانب التي تستدعي المزيد من العمل من جانب البنوك لمعالجة اية ثغرات قائمة في المنظومة الرقابية الداخلية، خاصة في ظل المتطلبات الدولية المتعلقة بغسيل الأموال وتمويل 'الإرهاب' وتبعات الالتزام بها.
وقال إن البنك المركزي تبنى هدف الاستقرار المالي جنبا إلى جنب مع هدف الاستقرار النقدي، وشرع في تعزيز وتطوير اركان الاستقرار المالي من خلال مراجعة شاملة لمنظومة التشريعات الناظمة للعمل المصرفي، ووضع الأسس الكفيلة بتطبيق تعليمات بازل 3، وايجاد بنية تحتية آمنه وكفؤة لنظام المدفوعات الوطني، والدفع والتسويات في المملكة، ووضع الأطر القانونية الشاملة وبما يكفل حماية المستهلك المالي، ونشر الثقافة المالية والمصرفية في المجتمع، بهدف تعزيز الاشتمال المالي.
وأضاف أن البنك المركزي يعول الكثير على شركة الاستعلام الائتماني في لعب دور لتحسين فرص الشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة في الحصول على التمويل المطلوب، داعيا البنوك إلى إيلاء هذا القطاع الأهمية التي يستحق في قراراتها التمويلية، وفقا للضوابط والسياسات الاقراضية المطبقة.
وعلى صعيد السياسة النقدية، أكد محافظ البنك المركزي الالتزام الثابت بالمحافظة على أسس الاستقرار النقدي والمالي، بما في ذلك نظام الصرف الثابت للدينار مع الدولار الأميركي وإيجاد هيكل ملائم لأسعار الفائدة الدائنة والمدينة في السوق المصرفية، وتهيئة السبل والشروط الكفيلة بزيادة فعالية هذه السياسة وتحسين كفاءتها ومواصلة تطوير أدواتها، خاصة في ظل التغيرات الجوهرية التي أصابت عمل البنوك المركزية العالمية واساليب تدخلها وتنفيذها للسياسات النقدية في السنوات الأخيرة والتي هي محط دراستنا ومتابعتنا المستمرة.
وفي اللقاء السنوي للجهاز المصرفي، كرم محافظ البنك المركزي رؤساء جمعية البنوك في الأردن السابقين، الدكتور ميشيل مارتو ومروان عوض وباسم خليل السالم، على الجهود التي بذلوها خلال رئاستهم لمجلس إدارة الجمعية في الدورات السابقة.
وأستعرض رئيس مجلس إدارة جمعية البنوك في الأردن، موسى عبد العزيز شحادة، أبرز انجازات الجمعية في عام 2015 في سبيل مناقشة المواضيع المطروحة من قبل البنوك الاعضاء، وأسفرت عن الخروج بتوصيات تم مناقشتها من قبل مجلس الإدارة ومخاطبة البنوك الاعضاء والجهات ذات العلاقة بشأنها.
كما قامت الجمعية خلال عام 2015 بتنظيم مجموعة من المحاضرات والدورات التدريبية المتخصصة لموظفي البنوك، إضافة لتنظيم ورش عمل تناولت مواضيع متنوعة مثل التسويات خارج المحاكم والحاكمية المؤسسية، ونظمت الجمعية الملتقى الرابع للمسؤولية المجتمعية، وحلقة نقاشية حول إيجاد نوافذ تمويلية لمشروعات الطاقة المتجددة وكفاءتها.
وأشار إلى إطلاق الجمعية في عام 2015 الخطة التنفيذية للجمعية للأعوام 2015-2017، والتي جاءت لتعكس رؤية ورسالة الجمعية، وأهدافها الأساسية المحددة في نظامها الداخلي.
وقال إن عام 2015 كان حافلا بالعديد من المبادرات التي أطلقتها الجمعية بالتعاون مع البنوك الأعضاء، حيث تم إطلاق صندوق الشهيد الطيار معاذ الكساسبة للمنح الدراسية والذي تضمن 52 منحة دراسية موزعة على ألوية المملكة، كما تم توقيع مذكرة تفاهم بين جمعية البنوك في الأردن ومجموعة طلال أبو غزالة وذلك للاستفادة من الأجهزة الفائضة عن حاجة البنوك، بحيث تقوم مجموعة طلال أبو غزالة بجمع الحواسيب القديمة من البنوك وإعادة تأهيلها لجعلها صالحة للاستخدام ليتم توزيعها على الجمعيات الخيرية ومراكز التنمية في المناطق الاقل حظا.
وأكد أن الجمعية أطلقت في عام 2015 مبادئ عمان لتسوية الديون خارج المحاكم بالتعاون مع مؤسسة التمويل الدولية (IFC)، ووقعت الجمعية مذكرة تفاهم مع المعهد القضائي الأردني للتعاون في مجال التدريب وعقد ورش عمل متخصصة للقضاة في النواحي المصرفية، وهو ما من شأنه المساهمة في تسريع البت في القضايا المتعلقة بالبنوك، إلى جانب دور الجمعية لتوقيع اتفاقيات بين ضريبة الدخل والبنوك الأعضاء لتنفيذ عمليات الحجز وفك الحجز الكترونيا.
وثمن شحادة النهج التشاركي والشفاف للبنك المركزي والذي يتيح الفرصة للبنوك لإبداء وجهة نظرها في كل مشاريع الأنظمة والتعليمات والقوانين ذات العلاقة بالعمل المصرفي.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو