فِكر مُحتجب

أيها الحاضر تحملنا قليلاً, فلسنا سوى عابري سبيل ثقلاء الظل .. محمود درويش

يفرك يديه المتوشحه بالصمت بألم صدره, يقربها من شفتيه ويعضها, تلك الشفاه المتعطشه لتراتيل حرية تكرمنا بها السماء, يستوقفه الوجع على طرقات الأمل.

ينتظر أضواء تركل الفراغ والوحشة بعد ان تاهت نظراته في سواد الوطن. يضم وجهه المعفر بانشطار الامنيات بعد أن اكتشف ان جميع الركاب نيام وان لا لوحات تقدمها له الحافله مزهوة بالربيع الذي أحدثوه.

ان حقيقة كل ما يحدث مما اسموه 'ربيع عربي' او كما اسميه أنا 'خريف الربيع' لا يكمن في أنه مؤامرات امريكيه, او صهيونيه, أو امريكيه اخوانيه, أو مؤامره كونيه فقط, في الحقيقة ما يتصارخون به من مؤامرات ما هو إلا حبل مرن كثير التأرجح يتشعبطون به لتبرير الفساد, الفساد الذي راكموه وراكمه اتباعهم على مدى عقود طويله, كانت التنمية التي يصنعون هي تنميه جيوبهم وشركاتهم.

أمريكا كما يعرف الجميع باستثناء العميان والبسطاء أنها دعمت وما تزال تدعم أنظمه حكم دكتاتورية في جميعا أنحاء العالم, ما دامت هذه الأنظمة تحقق مصالحها وتدعم اقتصادها وتحمي مصالح الصهيوامريكان.

لماذا يدعون للديمقراطيه الآن؟ هي قد تأتي باخوانيين أو اسلاميين, الفزاعة الجديدة بعد اندثار فزاعة القاعدة أو ان صح التعبير بعد تهاوي فزاعة القاعدة؟ لم يعي البعض أن الديمقراطيه التي يدعوننا لها الامريكان هي الديمقراطيه المفصله على المقاس, لكن ما نريد من ديمقراطيه لاتشبه تلك التي نسجها الامريكان بمطاطيتها وازدواجيتها.

من كل ما يجري مكتئب يا سادة , هل تعلم عزيزي المهتم بأمر شعبك, ان ادونيس نشر كتابا بعنوان 'الكتاب الخطاب الحجاب', لست افهم سر هذه التسميه وفي الحقيقه لو أنه أطلق عليه اسم آخر كـ 'الاشباع' لكفى القراء شر نقده, هل الاشباع ثقافة ايها المهتم؟؟ ربما ,, بل بالتأكيد فالرأسمالية تسرق الطعام من الافواه الصغيره.

هل الثورة حلم يا سادة؟ أنا أجد نفسي ثوري في صالات السينما والمسرح والحدائق العامة, اذن أنا لا اثور لأن هذه الاماكن ليس لها مكان هنا, الأبراج لا تعتبر بالثورة لأنها طويله, قاسيه الملامح, زجاجها ساكن وغامض. الحانات والساحات وحدها صديقة الثوار, هل ستجدونني يوماً ثائر وصوتي يزمجر بقوة تحت الأقبية؟ ربما, أتفق أننا مشاريع ثورة نائمه, هناك ربما مثل سمعت به يقول 'كل مواطن مشروع مجرم نائم ولكن الفرص لم تسنح له'.

المهم يا عزيزي المهتم, بدأ البعض بالتحدث عن القيم والأخلاق والكرامة بأنها لم تعد بتلك الأصالة, عن أي معايير اصالة أقصد؟ في الحقيقة لا أدري, فقط ألاحظ الاستياء المتكرر حول القيم والأخلاق وربما العادات وكل ما يتصل بعالم اليوم, لو كنت أكبر قليلاً في السن لفهمت سب ضجر هذا الحنين نحو الماضي. في الحقيقة, أنا لا أفضل التحدث مع هؤلاء لأنهم تقليديون وأنا منحاز للحداثة, هل هناك رابط بين الجنس والجمال؟ الرأسمالية تربط بينهم بشكل بجح. لذلك أخلاقنا لا تحظى بالديمومة. ما أريد قوله هو التالي: ان ادونيس بحداثته أفسد اخلاقنا ثم يقوم التقليديون بالذب عن تلك القيم, هل تراني اتحدث هنا عن صراع في الحياة؟؟ ربما.

لا ألوم البعض عندما يتبجح أحدهم بسطوره في الدفاع عن ما يسمونه ربيعاً وآخر يتبجح في الحديث والمقارنه بين الموالاة والمعارضة, مختصرة ما يحدث في جملة قصيرة وصغيرة لا تحتاج للكثير من الوقت لفهمها, ما يدعون له من ثورات 'حق يراد به باطل' ما ينادي به الغرب من الالتحاق في الديمقراطيه ونيل الحرية ويتسلل بسميه رغبتهم للبعض هو حق لنا لكنهم يستغلونه في تحقيق مساعيهم تدمير وتفكيك الشعوب واستغلال الثروات وقتل بعضنا بعضاً.
هل أبدو هنا أرتكب جريمه ثورة؟؟ ربما ,, لقد أصبحت مكتئب يا سادة.

عِندما يَدهَمُهُ العُدوانُ,, لا يُوكِلُ لِلغيرِ حُروبَهْ ,, بعنادِ النَّملِ ,, يكتَظُّ فؤادُ اليأسِ باليأسِ ,, وتنهالُ الصُّعوباتُ على رأسِ الصُّعوبَهْ ,, أيُّها النَّملُ لَكَ المَجْدُ ,, ودامَتْ لَكَ رُوحٌ ,, لم تَصِلْها أبداً عَدْوى العُروبَهْ ! .. أحمد مطر.

باتريشيا الحجاوي

[email protected]