الخميس 2024-12-12 03:28 ص
 

في الحاجة إلى الإخوان المسلمين

11:39 ص
جرت أحداث ومناسبات كثيرة في الأشهر الستة الماضية تؤكد الحاجة إلى صيانة الخواء السياسي وعودة الإخوان المسلمين، ولنتخيل على سبيل المثال كيف يمكن أن تجرى انتخابات رئاسة البرلمان من غير مشاركة الإخوان المسلمين؟ سوف تكون المنافسة بين عاطف الطراونة وعاطف الطراونة! ولنتخيل لو أن لقاءات الحكومة مع المحافظات كانت في ظل معارضة إخوانية للتطبيع وللاستمرار في تأجير أراضي الباقورة؟ سوف تجري الاجتماعات في أريحية معقولة وسوف تجري مطالبات وردود، على الأقل سوف تكون لقاءات تشبه الفتاوى الدينية والبرامج الصباحية في الإذاعات الجديدة، وسوف يعود الفريق الوزاري مزهوا بالولاية ويعود المواطنون متأملين بالوعود، .. إن العقد الحقيقي القائم اليوم والمنظم للسلطة وعلاقتها بالمجتمعات والأفراد في بلادنا هو الخوف .. والآمال الكبرى التي لا يمكن الوفاء بها، لكن ويا للمفارقة فإنها العلاقة الوحيدة التي لا تنشئ الإحباط، لأن الإحباط تنشئه الوعود والأفكار الواقعية، وأما الأحلام الكبيرة فلا يمكن إثبات عدم جدواها أو استحالة تحقيقها، .. وهكذا تظل قابلة للحياة والاستمرار؛ بعكس الأفكار والأهداف العملية والواقعية. اضافة اعلان

وجدت السلطة نفسها اليوم في مواجهة مباشرة مع المجتمعات بعكس ما كان عليه الحال طوال العقود (بل والقرون الماضية) من التسويات والتفاوض مع المؤسسات والمنظمات الوسيطة بين السلطة والمجتمعات، مثل الأحزاب والنقابات والقيادات الاجتماعية، والطرفان (السلطة والمجتمعات) يخوضان تجربة جديدة مختلفة جوهريا عما درجت عليه العمليات السياسية والتنظيمية، فالحكومة في حاجة للتفاهم والاستماع مع كل شخص تقريبا، لا تعرف مع من تتحدث، ولا تعرف ماذا يعني أو يمثل المتحدث الذي تستمع إليه، وقد فشلت النقابات المهنية (كما الأحزاب من قبل) في القيام بدور الوسيط، لأنها (النقابات) تعصف بها التحولات والمصالح والأفكار الجديدة والمشوشة، لم تكن في حراك 30 أيار في الدوار الرابع تعمل أكثر مما يفعله الأشخاص المكلفون في جاهات الأعراس من طلب يد صاحبة الصون والعفاف والموافقة على الزواج، لكن ليس للطالب ولا المطلوب علاقة فعلية أو حقيقية بما جرى ويجري!
ما يحدث اليوم من تحولات في السياسة والاجتماع يمثل مشهدا جديدا مربكا للحكومة والأفراد والمجتمعات، ولو كان الإخوان المسلمون والمعارضون القوميون والأمميون ( من تبقى منهم) يشاركون على نحو ما في لقاءات الحكومة في المحافظات فإنها سوف تجري كما العادة، سوف تنقسم المجتمعات إلى قسمين، قسم المطالب والخدمات وقسم التحرير والمقاومة والخلافة .. ومطالبة الرزاز أن يكون مثل صلاح الدين! ولن تحتاج الحكومة إلى إضراب العاملين في البلديات! لإعادة توجيه وضبط وتنظيم مجتمعات ومجاميع واتجاهات ومصالح وأفراد ليست مدركة بوضوح ماذا تريد وماذا لا تريد!
والحال أن الحكومة وحلفاءها فقدت خصما جميلا وضروريا لحشد الناس وتنظيمهم، وصارت المواجهة بين السلطة  والمجتمعات، وهو ما لا تتقنه السلطة، ولم تتدرب عليه بعد المجتمعات بعدما فقدت من يمثلها، أو بعدما افترقت مصالحها عن مصالح الجماعات الوسيطة، لكن التحولات أعمق وأعقد من استدراكها بتنشيط وتفعيل جماعات ونقابات آفلة أو تمضي إلى الأفول، المسألة ببساطة ووضوح أن الفضاء العام اليوم لا يمكن إدارته أو صيانته إلا بمدن ومجتمعات مستقلة ومتمكنة وذوات فاعلة تملك مواردها وولايتها عليها وقدرتها على التأثير والمشاركة الاقتصادية والاجتماعية، .. لم يعد كل ما لدينا من أفكار ومؤسسات قادرة على تحقيق الرضا والمشاركة فضلا عن الازدهار، كما أنها أيضا لم تعد قادرة على ضبط وتنظيم ومواجهة المجتمعات والأفراد!


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة