الأحد 2024-12-15 06:17 ص
 

قراءة في المسودة الثانية للسياسة العامة الحكومية في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات 2018-2025

04:24 م

كتب المحرر الاقتصادي:


طرحت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مؤخراً المسودة الثانية للسياسة العامة لقطاعات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والبريد، للأعوام 2018- 2025 ، وفتحت باب الاستشارة العامة فيها وارسال الردود من جانب المعنيين والمهتمين بهذه القطاعات، لتعزيز فرصة الخروج بسياسة شاملة وافية تخدم القطاع ككل وتعمل على تحفيز المنافسة وتطوير القطاع بشكل يتواءم مع التقنيات الحديثة، وينسجم مع التوجهات العالمية الحديثة في عالم الإتصالات؛ مثل إنترنت الأشياء، والبيانات الضخمة، والمدن الذكية، والتطبيقات الذكية وغيرها، وذلك سعياً لرفع سوية القطاع وتعزيز دوره كبيئة جاذبة للاستثمار والابتكار.

اضافة اعلان


وفي قراءة لهذه المسودة، يمكننا أن نستعرض تالياً المحاور المهمة التي تطرقت إليها هذه السياسة فيما يتعلق بقطاع الإتصالات:

1. تحسين أداء القطاع
تشير البيانات والإحصائيات الى أن معدلات الضرائب والرسوم المفروضة على خدمات الإتصالات في الأردن أعلى بكثير من معظم مثيلاتها في الدول العربية، بل وحتى على المستوى الدولي، وقد أشارت السياسة الحكومية إلى موضوع عدم توافق الضرائب والرسوم والتي قد تؤدي إلى إضطرابات في السوق، وطلبت الحكومة من هيئة تنظيم قطاع لإتصالات أن تراجع التشريعات الخاصة بهذه الضرائب والرسوم، وبالنظر إلى العبء الكبير الذي تمثله هذه الضرائب حالياً على كاهل قطاع الإتصالات، فإنه يصبح من الضروري أن ترى الإجراءات التصحيحية المطلوبة النور بأسرع وقت ممكن، وذلك للحفاظ على قطاع مزدهر، محفز وجاذب للإستثمار وداعم للإقتصاد الوطني.


2. تعزيز المنافسة الفعالة


– إزالة الحواجز
أشارت السياسة العامة إلى ضرورة تعزيز المنافسة الفعّالة في أسواق الاتصالات، وحيث ان سوق الاتصالات المتنقلة الأردني يعد من أشد الأسواق تنافسيةً في العالم، فإن ذلك ما حدا بمسودة السياسة العامة إلى طلب تطبيق نقل أرقام الهواتف الثابتة، لما سينتج عن ذلك من خلق بيئة تنافسية في سوق الإتصالات الثابتة التي تخلو تماماً من اي تنافس يذكر، والعمل على تعديل جميع التشريعات التنظيمية ذات العلاقة لتسهيل تحقيق هذا الهدف.


– إستعراض الأسواق
من واجبات هيئة تنظيم قطاع الإتصالات أن تقوم بتقييم ومراجعة (إستعراض) كل أسواق الإتصالات وبشكل دوري، وقد كانت آخر مراجعة في عام 2010، وهذه المراجعة ضرورية لتحديد شركات الإتصالات التي يتبين لها قوة مهيمنة في سوق أو أكثر من هذه الأسواق، وبالتالي وضع الضوابط اللازمة لمنعها من إستغلال هذه الهيمنة في السوق وإحتكار الخدمات ومنع أو إقصاء المنافسين له.
وقد طلبت السياسة الحكومية العامة من هيئة تنظيم قطاع الإتصالات أن تراجع الإجراءات التي تتبعها لعمل مثل هذه المراجعات، والتأكد من تطابقها مع أفضل الممارسات الدولية بهذا الخصوص، ومن المأمول أن تنتهي إجراءات المراجعة بنهاية عام 2019، ونرجو أن ينتج عنها تخفيف أووقف لهيمنة بعض الشركات على الأسواق التقليدية مثل أسواق الإتصالات الثابتة والإنترنت السلكي، وتعزيز وجود بيئة تنافسية عادلة فيها، تضمن تقديد خدمات ذات جودة عالية بأسعار معقولة.

3. خطة توفير الطيف لعمل المرخصين
تطلب السياسة الحكومية العامة من هيئة تنظيم قطاع الإتصالات نشر خطة متجددة تحدد متى يكون الطيف الترددي متاحاً لمرخصي الإتصالات، بحيث يكون أفق هذه الخطة ثلاث سنوات، ونعتقد إن إلتزام الهيئة بإصدار مثل هذه الخطة سيكون ذو فائدة كبيرة لشركات الإتصالات، بحيث يمكن هذه الشركات من تجهيز خططها الإستراتيجية والتشغيلية بناءً على معلومات دقيقة ومتجددة حول كمية الطيف الترددي المتوفرة لتشغيل شباكتهم وتقديم الخدمات بوساطتها.

4. دعم تطوير الشبكة وتوفير خدمات جديدة


– حق الطريق
حق الطريق مفهوم أساسي في عالم خدمات الإتصالات، يتمثل في حق إستخدام ونشر عناصر البنية التحتية للاتصالات (الكابلات، الأبراج، كابينات الطريق،..إلخ)، وحيث أن شركات الإتصالات قد أشارت في ردودها على المسودة الاولى للسياسة الحكومية إلى أنها تواجه العديد من العوائق في هذا السياق، سببها تعدد الجهات المسؤولة عن موضوع نشر وتمديد الشبكات، والأعباء المالية والإدارية المرتبطة بها من موافقات ورسوم وغيرها، فإن ذلك يتطلب من السياسة الحكومية إيلاء هذا الموضوع الأهمية الكبيرة، ومن ذلك أن تحدد مسؤوليات الأطراف المعنية بالموضوع، ومراجعة الأعباء المالية والإدارية المتعلقة بحق الطريق وتخفيفها.

– المشاركة في البنية التحتية
أشارت مسودة السياسة العامة إلى ضرورة إتاحة 'التشاركية' في البنية التحتية الوطنية ومنع إحتكارها، وهذا مطلب أساسي للعديد من شركات الإتصالات، وخاصة فيما يخص شبكات البنية التحتية التي لا يمكن مضاهاتها أو إنشاء مثيل لها، مثل شبكة الإتصالات الثابتة التي تعد من الموارد الهامة التي لا بد من إتاحة التشاركية فيها، وبالتالي إتاحة الإستغلال الأمثل لها من قبل شركات الإتصالات ومقدموا الخدمات الآخرين لتوفير خدمات متطورة بأسعار معقولة وتنافسية للمواطنين، ومن عناصر البنية التحتية المطلوب توفير المشاركة بها على سبيل المثال شبكة الخطوط النحاسية، تمديد خطوط الفايبر على الأعمدة، إستخدام كابينات الشوارع وأعمدة الهاتف الثابت، وغيرها.

– توافر الطيف الترددي
من أحد أهم أهداف السياسة العامة لقطاعات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والبريد، كما ورد في المسودة الثانية، هو توفير الطيف الترددي اللازم لتشغيل إنترنت الأشياء (IOT)وتكنولوجيا الجيل الخامس(5G) في القريب العاجل، وذلك ليتسنى للمشغلين الوقت الكافي لإعداد خططهم الاستراتيجية وتجهيز البنى التحتية اللازمة لتقديم خدماتهم المتطورة والتي تواكب التكنولوجيا وتتوائم واحتياجات ومتطلبات المستهلك الأردني، حيث أوصت مسودة السياسة بمراجعة أسعار الطيف الترددي سواءً من ناحية أسعار حيازة الترددات لأول مرة، والعوائد السنوية المترتبة على إستخدام هذه الترددات، حيث لا تزال هذه الرسوم مرتفعة جداً مقارنةً بالدول الأخرى، وتُشكّل عائقاً أمام المشغلين في الاستحواذ على ترددات كافية لازمة لتقديم الخدمات المتطورة وبأسعار معقولة.


وفي سياق الطيف الترددي، فقد تطرقت مسودة السياسة إلى موضوع حيادية التكنولوجيا (أي إستخدام نفس الترددات لتقديم خدمات عدة أجيال من تكنولوجيا الإتصالات مثل الجيل الثاني، الثالث وهكذا...)، حيث أوصت بأن يتم تطبيق هذه الحيادية على الترددات الجديدة التي ترغب شركات الإتصالات المتنقلة في حيازتها، وحيث أن معظم الترددات العاملة حالياً مع هذه الشركات غير محايدة، ويقتصر كل منها على جيل محدد من أجيال الإتصالات، فقد كان من الضروري أن تدعو السياسة العامة للحكومة كذلك إلى تطبيق نفس مبدأ الحيادية على هذه الترددات، وذلك لإتاحة تقديم سرعات إنترنت أعلى بإستخدام الأجيال الحديثة من الإتصالات مثل الجيل الرابع، ، ضمن عروض وخدمات أكثر حداثةً تواكب التطور التكنولوجي الراهن.

5. مراجعة سياسة الخدمات الشاملة
طلبت السياسة الحكومية العامة من هيئة تنظيم قطاع الإتصالات إعادة النظر في سياسة الخدمات الشمولية، والتي تتعلق بشمول أكبر عدد من المواطنيين بخدمات الإتصالات وخاصة في المناطق البعيدة والنائية، ومن الجدير بالذكر هنا تأكيد الحكومة من خلال السياسة العامة على أهمية أخذ إحتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة بعين الإعتبار خلال المراجعة المذكورة.

6. ترشيد اللوائح التنظيمية بشأن التقارب (الإندماج)
دعت السياسة الحكومية البنك المركزي بإعتباره الجهة المنظمة للقطاع المالي إلى إتخاذ تدابير مناسبة لتنظيم الخدمات المالية المقدمة عبر شبكات الإتصالات، وحيث أن الخدمات التي بدأت تثبت نجاحها شيئاً فشيئاً وازداد مستوى انتشارها بين المواطنين، فإننا نود من السياسة الحكومية العامة أن تدعو إلى خطوات ملموسة تساعد في تعزيز ودعم مثل هذه الخدمات الرائدة، وخاصة بين الفئات التي تحتاج إلى خدمات مالية بدون الحاجة إلى حسابات بنكية مثل الطلاب وبعض القطاعات النسوية في الأرياف والبادية.

7. زيادة جاذبية الاردن كموقع لإستضافة الخدمات
أكدت السياسة لحكومية العامة على ضرورة أن تقوم الهيئة بالإجراءات اللازمة لتشجيع إنشاء طرق نقل دولية، وكذلك نقاط تبادل انترنت تجارية (IPX)، وهو الأمر الذي سيساعد على زيادة جاذبية الاردن كموقع لإستضافة الخدمات ومراكز الإتصال.

8. تمكين التشغيل الفعال للسوق
حصرت السياسة الحكومية العامة مسؤولية النظر في كافة القضايا بين المرخصين وهيئة تنظيم قطاع الإتصالات بالمحكمة الإقتصادية الخاصة، وهو الأمر الذي سيسرع البت في مثل هذه القضايا، وبالتالي حصول الأطراف المعنية على حقوقها بأقل وقت ممكن، وحيث أن هذا الموضوع مفيد حتماً لكل الأطراف، إلا أنه - وكما دعت السياسة العامة – فإن ذلك يتطلب إيلاء الأهمية اللازمة لتدريب القضاة في المحكمة والمحامين الذين يمثلون أمامها على مواضيع قانون الإتصالات والأنظمة وطبيعة سوق الإتصالات

9. حماية البنية التحتية الهامة والبنية التحتية للإتصالات
أكدت الحكومة من خلال السياسة العامة على الأهمية الكبيرة لحماية البنية التحتية للإتصالات، وبما يكفل إستمرار خدمات الإتصالات أثناء حلالت الطواريء والكوارث، وستقوم الحكومة لهذا الغرض بإنشاء جهاز حكومي خاص يكون مسؤولاً عن الأمن السيبراني، سيتم من خلال هذا الجهاز المختص تحديد التدابير اللازم إتخاذها لحماية البنية التحتية الوطنية الهامة للإتصالات، وكذلك تحديد التهديدات التي تواجه خدمات الإتصالات والخطوات اللازمة والكافية للتخفيف منها.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة