بشكل يفوق حدود المعقولية السياسية يحتفل انصار اردوغان العرب بفوزه وحزبه في الانتخابات البلدية التركية وبحجم يفوق حجم احتفال الحزب واردوغان نفسه , وبطريقة اقرب الى احتفال السلفات بنجاح ابنائهن في الثانوية العامة خاصة اذا كان احدهم قد تفوّق على قرينه بنسبة عالية , وكأن عائد الفوز سيكون في موازين اعمال المحتفلين العرب او سينعكس عليهم ارصدة انتخابية .
بالمقابل يستعير خصوم اردوغان في الساحة العربية كل مفردات التزوير المُخزنة في القاموس الانتخابي العربي , من انقطاع الكهرباء عن مراكز الفرز الى توزيع الزيت والدقيق وربما الحرامات والصوبات الى تسييس القضاء والتدخل في اعماله وممارسة البلطجة على المقترعين المناوئين له وقطع الطرق لمنع وصولهم الى صناديق الاقتراع , فكل فريق حشد ما لديه من ادوات التشفي بالآخر او الاحتفال الاستفزازي علما بأن المحتفلين والموتورين كليهما كان يتغنى بتجربة اردوغان لفترات طويلة ومعظمهم بايعوه خليفة للمسلمين .
اردوغان فاز في الانتخابات التركية وبأصوات المقترعين الاتراك ولا فضل لعربي في فوزه ولن يكون لهم قصب السَبق في هزيمته , وباستثناء رسالة تويترية عاجلة لم يأت اردوغان على ذكر العرب في اسباب فوزه الا بالدعاء من المقهورين حسب وصفه , اي انه بطريقة ثانية كشف للمدّاحين والمطبلين بفوزه كما كشف لمنتقديه على السواء ان العرب بلا حيلة ولا يملكون سوى الدعاء الذي قصفنا به اسرائيل على مدار عقود طويلة دون ان يكسر الدعاء العربي على اسرائيل لوح زجاج واحد .
طريقة الاحتفال الشامت وطريقة تقليل قدره تكشف اننا أُمة قرعاء حسب المثل العربي الشهير وتثبت اننا نستحضر اي نصر وننسبه لانفسنا كي نثبت ان في ابريقنا زيت يُستضاء به رغم كل الظلام المحيط بنا , دون ان يفكر حزب واحد ممن اطلق أعيرة الشماتة ضد ابناء جلدته بفوز اردوغان وحزبه بتقليد التجربة الاردوغانية وحزب التقدم والعدالة , فالرجل نقل تركيا من ترتيب متأخر على سلم التراتبية الاقتصادية العالمية “ 116 “ الى ترتيب متقدم جدا “ 16 “ على العالم ومعظم هذه المراتب قطعها اردوغان بفضل غباء العرب واصرارهم على البقاء في خانة المستهلك , وباستثناء استهلاك المنتجات التركية لم يدعم العرب احزاب ودول تركيا وحزبها الفائز بأي شيء .
اردوغان وحزبه قاموا بزرع 2.2 مليار شجرة دون ان يساهم عربي واحد بزراعة فسيلة واحدة بل حفلت ساحاتنا العربية بقطع الاشجار لتحويلها الى عِصيّ لضرب المنافس , وتحولت ملياراتنا الى خزائن الغرب كي تدير عجلة اقتصاده لتسهم في استفاقته من الازمة العالمية , ويحتفل اردوغان وحزبه بصنع اول دبابة تركية واول طائرة تركية سيستوردها العرب لقصف بعضهم بعضا او لتدمير شوارعهم .
نستوعب ان يحتفل انصار الاسلام السياسي بفوز اردوغان علّ ارتدادات الفوز تُخرجهم من حالة الاحباط التي عاشوها بعد مصر وتونس , لكن دون ايحاء بأن الفوز التركي هو لجماعة الاسلام السياسي لأن الرجل بلسانه قال انه علماني ونصحهم بتغيير سلوكهم السياسي وشكل ادارتهم للخلافات وللسياسة في بلادنهم , ونتفهم ان يسارع مؤيدو الرجل ومنتقدوه الى تقليده في اعداد برنامج يرتقي بالحالة السياسية والاقتصادية في بلدانهم دون الزغاريد الجوفاء التي تأتي بعدها دموع الحزن على واقعنا وتكريس نظرية التفاخر بشعر ابنة الجيران او ابنة الاخت .
اردوغان نجح لحفاظه على مصالح الاتراك من وجهة نظر الناخب التركي ونجح اكثر في وضع بلاده على خارطة التقدم واسهم بشكل واضح في تحسين مستوى دخل المواطن التركي وكلها دروس علينا ان نتعلمها بدل دروس التقوقع والمقاطعة للانتخابات البلدية والنيابية , فحزب اردوغان وسابقه اربكان تعرض لالف انتكاسة ولكنه لم يقاطع او يتقوقع وهذا هو الدرس الابرز لمن يزغرد لفوز اردوغان وكذلك الدرس الاهم لمن ازعجه فوزه , فهل نتعلم ؟
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو