الخميس 2024-12-12 05:46 ص
 

لا حسم ولا نصر في سورية

09:05 ص

ما معنى الحسم أو النصر في سورية؟ أن ينتصر طرف على الآخر. لنعاين خريطة القوى المتصارعة. النظام ليس جبهة واحدة موحدة، وحلفاؤه أطراف لها مصالح متضاربة. المعارضة مصطلح فضفاض. في سورية اليوم عشرات الفصائل المتناحرة، العداء بين بعضها أشد من عدائها للنظام. وأجندات الداعمين لها، من دول عربية وأجنبية، متناقضة ومتصارعة.اضافة اعلان

أميركا وبعض الحلفاء يريدون سورية علمانية تحكمها معارضة 'معتدلة'. تركيا ودول خليجية تطمح إلى دولة قوامها 'جيش الفتح' الإسلامي. 'داعش' يرسم حدودا لدولة الخلافة تتجاوز سورية والعراق.
أين الحسم والنصر من مئات الآلاف من الضحايا، وملايين اللاجئين والمشردين. الرئيس السوري نفسه توقع، في مقابلته الأخيرة مع تلفزيون إيراني، أن تظل تلك المأساة قائمة 'لعقود وقرون'.
كيف يترجم النصر والحسم إعمارا وتنمية في بلد تهدمت نصف منازله، وانهارت صناعته وزراعته، ودمرت كنوزه الأثرية؟
لا تأخذكم الأوهام بعيدا؛ التدخل العسكري الروسي المباشر يمنح النظام السوري قوة دفع للصمود، لكنه لن يحسم المعركة ولن يجلب النصر. بوتين يعرف الحقيقة، ولن يغامر بسمعة المؤسسة العسكرية الروسية. لقد قال مع بدء العمليات، إنها لن تستمر أكثر من أربعة أشهر. الروس مهما امتلكوا من قوة، فإنهم غير قادرين على الإنفاق على حرب طويلة. لقد اختبروا التورط العسكري من قبل في أفغانستان، وخسروا الاتحاد السوفيتي، ولن يغامر بوتين بخسارة ما تبقى من مجد لروسيا.
سورية حالة ميؤوس منها. هي اليوم مجرد ساحة لحروب بالوكالة، وتصفية حسابات قديمة وجديدة. ستستمر على هذه الحال سنوات. حتى خيار الدويلات والتقسيم، لن يجد من يحميه. ستبقى دويلات مليشيات متصارعة، لا حدود مستقرة لها.
هذا على الأرض. أما في السماء، فستزدحم أجواء سورية بالطائرات من كل الدول؛ تلقي بالقنابل والصواريخ، تقتل من الإرهابيين والأبرياء، وتعود إلى قواعدها سالمة.
لا أشاطر أصحاب الرأي القائل إن 'داعش' بلغ أوج قوته، ويدخل مرحلة الانكفاء. 'داعش' سيتمدد، مستغلا حالة الفوضى والزحام على الأرض وفي السماء.
تشير التقديرات الأممية إلى أن نحو مليون سوري يخططون للفرار من ديارهم في السنة المقبلة. تصاعد حدة القتال على أكثر من جبهة، لم يترك ملاذا للمشردين في الداخل، وليس من سبيل أمامهم سوى الهروب للخارج.
بعد انتهاء المهلة الروسية، سنكون أمام ميزان قوى جديد على الأرض، يميل في الغالب لصالح النظام في مناطق يتنازع السيطرة عليها مع المجموعات المسلحة. لكن هذا ليس وضعا دائما، وسيتغير بعد أقل من أربعة أشهر. الدول الداعمة لجماعات المعارضة، لن تسلم بالنصر، وهي منذ الآن تخوض حربا مع روسيا لدفعها إلى التراجع.
ستنهال الأسلحة على 'جيش الفتح'، وتقدم التسهيلات لتنظيم 'داعش' ربما، لندخل في موجة جديدة من القتال، ترسم فيها خطوط جديدة للسيطرة والنفوذ.
سياسا، دي ميستورا يوشك على إعلان فشل مهمته؛ النظام قبل مقترحاته، والمعارضة بكل أطيافها رفضتها. الإدارة الأميركية فقدت زمام المبادرة، والدول الأوروبية لا حيلة لها على لعب دور قيادي، ناهيك عن الانقسام الواضح في مواقفها. العرب في خبر كان.
التدخل الروسي مجرد فاصل عسكري، ونعود بعده للعبة المميتة. سورية جرح نازف إلى أجل مفتوح.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة