ما الذي يزعج السلطات الرسمية في إعلان مواطنين نيتهم مقاطعة سلعة غذائية ارتفع سعرها فوق المعقول، أو خدمة تقدمها شركات تفوق كلفتها حد الاحتمال؟
في دول العالم المحكومة بقانون السوق الحرة، تمثل المقاطعة سلاح المستهلكين الفعال لإجبار التجار على خفض الأسعار وضبط السوق، بعدما تخلت الحكومات عن دورها في تحديد الأسعار.
بعد دخول الأردن عهد التصحيح الاقتصادي بسنوات، تقرر إلغاء وزارة التموين نهائيا، وترك تحديد الأسعار لمعادلة العرض والطلب، باستثناء السلع الغذائية الأساسية، وهي سلة محدودة جدا.
لكن مع موجات رفع الأسعار التي تواترت في السنوات الماضية، تم إلحاق 'التموين' باسم وزارة الصناعة والتجارة، في محاولة لتطمين الرأي العام القلق من غياب أي دور للحكومات في ضبط الأسعار. غير أن دور إدارة التموين ومراقبة الأسعار، في 'الصناعة والتجارة'، يكاد لا يذكر في السوق، فهي تُصدر نشرة تأشيرية لأسعار الخضار والفواكه، لا يلتزم بها أحد، ولا تملك أي سلطة تخولها تخفيض الأسعار.
هذه هي الحال تقريبا في أغلب دول العالم. ولذلك، ظهرت وعلى نطاق واسع منظمات أهلية، مهمتها الدفاع عن حق المستهلكين في الحصول على سلع بأسعار منصفة. وفي الأردن، برزت جمعية حماية المستهلك، لكن على أهمية الدور الذي تقوم به، فإنها لا تملك الأذرع الشعبية التي تؤهلها للضغط على التجار وإجبارهم على تخفيض الأسعار.
والمفارقة أنه بينما تتحفظ الجهات الحكومية على دعوات المقاطعة التي انطلقت على مواقع التواصل الاجتماعي، كان رؤساء حكومات ووزراء يحثون فيما مضى المواطنين على اتباع نهج المقاطعة لإرغام التجار على تخفيض الأسعار. ولو عاد باحث إلى أرشيف الصحافة الأردنية في العقدين الأخيرين، لعثر على تصريحات تؤكد ذلك.
لا شيء تغير عما كان عليه قبل سنوات، سوى أن القدرة الشرائية لعامة الناس تراجعت بشكل كبير. وكان هذا على حساب مستوى معيشتهم، ولم يعد هناك للحكومات أي تأثير في الأسواق، فأصبح المواطن يقف وحيدا في المواجهة.
وتُظهر استطلاعات الرأي العام التي تجريها مراكز متخصصة؛ أردنية وأجنبية، أن غلاء الأسعار هو أكثر ما يؤرق حياة المواطنين. وفي استطلاع حديث، برزت جلية مسألة توفير الغذاء على سلم تحديات وهموم الأردنيين.
والسبب الجوهري الذي يجعل من توفير الطعام مشكلة لفئات اجتماعية واسعة، هو ارتفاع الأسعار الذي يفوق مداخيل الأغلبية الساحقة من المشتغلين.
والشكوى من ارتفاع الأسعار، خاصة في الآونة الأخيرة، لم تكن مرتبطة مباشرة بحزمة الضرائب التي فرضتها أو تنوي الحكومة فرضها على سلع وخدمات. وحملة المقاطعة لبيض المائدة والبطاطا، والتي انطلقت على 'فيسبوك'، خير مثال.
قد يكون من الصعب تنظيم حملات مقاطعة السلع على المستوى الوطني؛ فالمجتمع الأردني لم يبلغ بعد هذه المرحلة المتقدمة من التنظيم الذاتي، ولا توجد هيئات شعبية قادرة على التشبيك بين المدن والمحافظات الكبرى. لكن يمكن تنظيم حملات فعالة على مستوى الأحياء السكنية التي عادة ما يرتاد سكانها مراكز التسوق القريبة من منازلهم.
من السهل التواصل والتشبيك في هذه الحالات، بين الجيران وربات البيوت، للضغط على أصحاب مراكز التسوق لتخفيض أسعار السلع، أو تركها تتعفن في مخازنهم.
من حق الجمهور أن يتدخل في مجريات اللعبة عندما لا يكون هناك حكم مستعد لإشهار البطاقة الحمراء.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو