السبت 2024-12-14 11:42 ص
 

لهذا عشقناك

12:11 م

أحببتها في الليلة الظّلماء كالبدر في وسط السّماء
أحببتها وفي عينيها تحدّث ولكن سيطر حينها الحياء
أحببتها في الأعالي وفي القمم ولن أقبل يوما بالدّناء
أحببتها هي لا غيرها ولا حاجة لي بمن يجري في الفناء

وطننا أحببناه وعشقناه ، وبالقلوب والأفئدة وضعناه ، وبالأفعال والأعمال طوّرناه ، أحببناه كما أحبّ العاشق عشيقته في ليلة مظلمة ، ليضيء نورها الأرض المظلمة و يبعد الفساد الحاصل ، ويخلّص النّاس من ظلم واقع .
ومع كلّ ذلك يبقى الوطن صامتا لا يتكلّم ، ينتظر الفرج القريب ، فهو لا يبوح للسّر لأحد ، وفيه من الحياء الشّيء الكثير ، ولو لم يكن كذلك لتحدث الثّرى عمّن دنّسه من العابثين والحاقدين ، ولتحدثت الحجارة عمّن هدمها بعد بنيان عظيم .


أردتها محبوبة تجري في الدّم إلى الوجدان القويم
أردتها محبوبة مصدر السّعادة وباعثة الأمل العظيم
جعلتها درّة في عيني ولؤلؤة في نظري السّليم
جعلتها ألماسة مصونة من كلّ شرّ وقلبها دوما رحيم

الوطن هو حياة لمواطنيه ، وتنفّس لعاشقيه ، فمن أراده سعى في تطوّره وازدهاره ، ومضى لتحقيق علوّه ونمائه في حلّه وترحاله ، وجعله ألماسة مصونة من كلّ الشّرور ، فعندها سينظر لك نظرة الرّحيم ، فلا أجمل من وطن احتضنك على ترابه ، وأطعمك من ثماره ، فاجعله محفوظا في عينيك كالألماسة بين يديك .


في الأخلاق نبع وفي الحياء أرجوزة وفي نظرها الجمال
في الحبّ عشق وفي التحدّث خير وفي الركازة هي المثال
في الخير جئنا وفي العلم تحدثنا وتسيطرعلينا دوما الآمال
بالغيب لا أعلم ولكن الدلائل تشير والأفعال ترشد وفيها الوصال

وطن لا نراه جميلا لا نستحق العيش فيه ، فكلّ مكان احتوى على ايجابيات وسلبيات ، فانظر إليهما نظرة محمودة ، واستغل الإيجابيات لتغدو مثلها السّلبيات، فاعلم أنّ الأمور لا بدّ من التّدبر فيها ، واجعل من علمك دافعا للتطوير، واصنع بأفعالك مستقبلا عظيما ، واعلم أنّك فرد في مجتمع فإن صلح كلّ فرد فيه ، صار المجتمع في خير وعافية ، فلم يعاني السّقم ، وتخلّى عن العلل والخلل ، وانطلق في فضاء المعرفة والتّطوير .

لا تتسرع ولا تتعجل وتفكّر أكثر كلمّا اشتدت عليها الأحزان
تسعد وتفرح ولا تفصح عمّا يدور في وجدانها من أشجان
في الأعالي وضعتها وبالخير حصّنتها ولا سبيل عنها للنسيان
فيا ربّ احفظها ويسّر أمرها وبارك في وجودها على مرّ الزّمان

بالرّغم من كلّ دوافع الحزن والألم إلّا أنّ الوطن أقوى من أن يتألم ، فمهما اشتدت الأحزان ، فإنّه سعيد فرح بما احتوى من عقول مبدعة ، ومن إمكانات خلّاقة في روّاده من مواطنيه ، الذين يصرّ المتميزون منهم على البحث والإيجاد ، وصنع المجد الذي به سبيل الرّشاد ، الوطن أغلى من أيّ ثمن ، الوطن أعلى من أي جبل ، الوطن ليس منطقة نعيش بها ، وليس ترابا ندوس عليه ، بل هو أرض نعشقها ، وثرى يروي بعبيره عبق التّاريخ ، ويمضي في الحاضر ليحقق تطلعات المستقبل ، الوطن هو ما يستحقّ منّا بذل المزيد ، والعطاء لتحقيق المجد التّليد ، وتخليصه من المفدسين والحاقدين والمندسين ، وبما أنّ الشّعب أغلى ما نملك ، فوطننا أثمن ما نستطيع الحفاظ عليه ، وأروع ما نسعى إلى بقائه في أحسن صورة ، بحفاظنا على مسؤولياتنا ، وقيامنا بمهامنا ، وآدائنا لواجباتنا مع أخذنا لحقوقنا ، حبّ الوطن لا يقدّر بالمقاييس ، ولا يزاود عليه عاقل حكيم ، فجميعنا أبناء للوطن ، نحافظ عليه من كلّ سوء ، ونخاف عليه من كلّ فتنة ، ونحبّ أن نراه بأفضل ما يمكن أن يكون .

اضافة اعلان

بقلم : أحمد نضال عوّاد .

[email protected]


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة