لم يكن مساء الأربعاء الماضي (ليلة الخميس) ؛ مساءً عادياً لواحد مثلي ؛ مليءٌ بالقهر و القرف و يجوب شوارع عمّان بامتعاض المهزوم الباحث عن بارقة أملٍ في أي شيءٍ ؛ بعد أن تهاوت أمامه وجوهٌ وقاماتٌ و عصَرَه الخذلان حدّ الانبطاح..!
لذا ؛ ذهبتُ لحضور مسرحية (ليلة سقوط طيبة) مجاملةً ؛ تلبية لدعوة صديقي الفنان حكيم حرب..كي لا أكسر بخاطره وكي أكسر شيئاً من قرفي ..وأنا أحدِّث نفسي بانقضاء الوقت لأعود لبيتي بعدها بكامل هزيمتي و سقوطي لابساً عند الباب شخصية الأب وربّ الأسرة ..!
طبيعة التجربة المسرحية قديمة جديدة ..قادها حكيم حرب قبل ربع قرن ؛ فكرة (مسرح المقهى) ..أعادها بثوب جديد بعد أن تركوه وحيداً كالحصان القادر على خوض الحروب ولكن لا يريد استدعاءه أحد ؛ خوفاً من الانتصار..!
المكان في اللويبدة (مقهى مؤسسة أوتاد الثقافية) ..الجمهور القليل الكثير كأنه يجلس في بيته ..لا طقوس خاصّة ولا اسكت و اخرس و لو سمحت ..بل عائلة تغرّبت و تعرفت على نفسها للتو..هذه هو الجمهور المنتشر في المقهى الضيّق ..ووسط هذا الضيق و فراغاته القليلة و الضيقة أيضاً ؛ سيكون عرض المسرحيّة ..!
وهنا بدأت الدهشة تتسرّب إليّ..حين بدأ العرض ..لا لم يبدأ ..بل بدأ ..بل لم يبدأ ..آه تذكرت؛ هذا الذي بدأ و لم يبدأ هو سيناريو معدّ مسبقاً لجرّ الجمهور إلى المشاركة و التفاعل مع النص و إبداء الرأي و الموافقة و الاعتراض أثناء العرض ..بل تتحوّل بعض الآراء إلى جزء من النص و العرض معاً .إذن فكرة مسرح المقهى أن يقدم لك مسرحاً لا يقف عند نصّ المؤلف ..بل تصبح أنت المتفرّج شريكاً في التأليف بالتوّ و اللحظة ..
بغض النظر عن حكاية المسرحيّة أكانت عن (أوديب الذي قتل أباه و تزوج من أمّه) و ما بها من اسقاطات عن الديكتاتوريّة ..فأنا الآن حكايتي ليست الحكاية نفسها ..بل حكايتي تكمن في نوعيّة المسرح هذا (مسرح المقهى) الذي يكسر كل الحواجز و يقدّم فنّاً تفاعليّاً حقيقيّاً مع الجمهور الذي يتحوّل إلى بطل للعرض..!
كل ما أريده ألا يُترك (حكيمُ حربٍ/مضافا و مضافا إليه) وحيداً في هذه التجربة وأن يتم الالتفات إليه و دعم تجربته كما التفتَ هو إلى سمو جوانيّاتكم واتجه إليها ..وبالذات أنه يمتلك «كاريزما» صالحة للاستفزاز المسرحي ..واستطاع أيضاً أن يقدّم ممثلة شابة (روند الصالحي) التي ابهرت في الأداء و تعاطف معها الجمهور المتفاعل و انتصر لها ..أمّا الفنان عمران العنوز فهو الذي كسر حدّة الألم بالكوميديا التلقائية التي كان يؤديها ببديهة حاضرة ولا ينقص هذا الفنان إلاّ مكاناً ملائماً للانفجار الكوميدي..مع اشادة بالفنانين إياد الريموني و نضال جاموس.
خرجتُ من المسرحيّة وذهني يعصف بالاسئلة ..وقد خرجتُ من قرفي ؛ وبالذات إنني تخلصتُ من ضحكات صديقي تيسير نظمي الفاتنة ..و بجيبي 17 ديناراً أردتُ أن أحتفل مع أولادي بهذا الانجاز و أردت أن أشتري لهم عشاءً (مهبّراً) لولا إنني وجدتُ على سيارتي مخالفة ..فألغيت العشاء و عدتُ لهزيمتي الاقتصادية ..!
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو