الأحد 2024-12-15 03:18 م
 

مؤتمر لندن الفرصة الفاصلة

01:41 م

بات واضحا ان اوروبا قررت عكس بوصلة الهجرات السورية الى ذات المنطقة، عبر دفع الكلف المالية المترتبة على استقبال الاشقاء السوريين، للدول المستضيفة، جوار سورية، بدلا من استقبال ذات السوريين في اوروبا. اوروبا هنا، تضرب اكثر من عصفور بحجر واحد، واهم اهدافها التخلص من العبء الامني الذي قد يتدفق مع المهاجرين السوريين، بالاضافة الى الاخطار الثقافية والاجتماعية، التي قد تترتب على ادماج هؤلاء في البنية الاوروبية، والتعارضات التي قد تحصل، على مستويات مختلفة. الوصفة باتت واضحة في اوروبا، اي دفع الكلفة المالية لدول الجوار السوري، مقابل منع تدفق السوريين الى اوروبا، او بالاحرى توطينهم ولو مؤقتا وتأمينهم باحتياجاتهم من فرص عمل وعلاج وتعليم، وبحيث تدفع اوروبا المال، فقط، وتترك مسؤولية ادارة هذه الكتلة المهاجرة لدول الجوار السوري، بما للادارة من مشاكل ومسؤوليات. نحن اذن امام مؤتمر لندن الذي سيناقش هذا الملف غدا الخميس ، والاردن كما الشعب السوري، تعرض للتضليل والتغرير، فقد قيل للاردن ان المجتمع الدولي لن يتركه وحيدا اذا فتح حدوده، وقيل للسوريين ان الهجرة مغرية مادامت ستؤدي الى فضح النظام، والنجاة بحياتهم، وان كل القصة «مؤقتة»!. لا.. الاردن استطاع حمل هذا الملف وحيدا، جراء فقره اساسا، والسوريون ايضا اكتشفوا الخدعة في اغراءات الخروج من بلادهم الى كل اقطار الدنيا، التي لا يقدم احد فيها لجوءا من طراز الخمسة نجوم، فاللجوء هو اللجوء!. الاردن لم يستطع اغلاق حدوده بوجه الهاربين من الموت، ايا كانت حجم المساعدات، لكنه وصل الى مرحلة خطيرة للغاية، اذ بات لديه كتلة سكانية جديدة تتجاوز المليون انسان، وهم بحاجة الى تغطية لقضايا كثيرة، من البنى التحتية مرورا بالوظائف وصولا الى العلاج، ولا يمكن ان يتعامى الاردن عن تاثيرات هكذا كتلة امنيا واجتماعيا على الداخل الاردني، الذي بات مثقلا بهموم مواطنيه قبل غيرهم. هذا يفسر الاشارات الاردنية المتتالية المتسارعة على لسان المسؤولين خلال الايام الماضية، وكثرة التذكير بضغط الهجرات السورية الى الاردن، فهذا بلد يعد الافقر في المشرق العربي ربما، لكنه الاكثر عطفا على العرب . قبل عامين ايضا قالت سفيرة غربية في عمان ، ان عليكم في الاردن ان تتعاملوا مع لجوء سوري طويل الامد، لن يقل عن خمسة عشر عاما، فالسوري الذي خرج لن يعود الى بلاد مدمرة حاليا، واذا توقفت الحرب فلن يعود ايضا الى بلاد حافلة بمناخات الانتقام والثأر وتصفية الحسابات ولن يعرض عائلته الى اي مغامرات، وفي هذا الوقت ومع مرور السنين تكون عائلته في الاردن قد اشتبكت مع الواقع اجتماعيا واقتصاديا، وسيصير صعبا عليها ترك الاردن، بل ان الاطفال السوريين ممن ولدوا في الاردن ، سوف يكتسبون اللهجة الاردنية، وسوف يصبح صعبا عليهم بعد قليل ترك الاردن نحو بيئة غير مطهرة من الاخطار على حد تعبيرها. يبدو الاردن امام الفرصة الفاصلة لجعل كلفة اللجوء السوري الى اراضيه، كلفة دولية، وليست كلفة محلية لا يقدر عليها.

اضافة اعلان

 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة