بالرغم من رفض حكومة حيدر العبادي لتصريحات رئيس هيئة الأركان في الجيش الأميركي، ريموند أودييرنو، والتي قال فيها إنّ تقسيم العراق قد يكون الحلّ الوحيد، في ضوء ضعف احتمالات المصالحة السُنّية-الشيعية هناك؛ إلاّ أنّ ما يحدث على أرض الواقع يعزّز مفهوم التقسيم بصورة واضحة. إذ من الواضح من سير المعارك أنّ هناك تثاقلاً وتردّداً في محاولة استعادة المناطق السُنيّة من يد تنظيم 'داعش'، بقدر ما أنّ المجهود المبذول هو لتأمين بغداد والمناطق الشيعية والأحزمة الجغرافية المحاذية لها.
قد يتفاءل البعض بالشعارات المرفوعة في الحراك الشعبي العراقي الحالي، ذي الطابع الشيعي، ضد الفساد السلطوي الذي أثخنهم، إلاّ أنّ هناك سقوفاً كبيرة لمستوى هذا التفاؤل. فالحراك لم يطرح شعارات وطنية بديلة للمعنى الطائفي، كما أنّ حكومة العبادي بالرغم من محاولتها استثمار ما يحدث للتخلص من إرث المالكي، إلاّ أنّها ليست في وارد التخلص من النفوذ الإيراني.
في المقابل، تتمثّل المطالب السياسية السُنيّة اليوم بالفدرالية، ومنحهم حكماً ذاتياً في المحافظات التي يشكلون فيها أغلبية، أسوة بالإقليم الكردستاني. وهو السيناريو الذي يمثّل الإطار الشكلي المتبقي لأي وحدة محتملة في العراق.
أمّا على صعيد الوضع في سورية، فهناك مؤشرات مقلقة مهمة جداً حول الأجندة الإيرانية، أيضاً، تتبدّى في المفاوضات الجارية بين الوفد الإيراني وحركة 'أحرار الشام'، في ظل غياب واضح لأي دور لنظام الأسد في هذه المفاوضات.
ما هي الأجندة الإيرانية، وما مؤشراتها؟
من يقرأ التسريبات الجارية، يجد تصوّراً إيرانياً لعملية تطهير طائفي، أو تبادل سكاني بين قريتي الفوعة وكفريا الشيعيتين في ريف إدلب الشمالي، وهما المتبقيتان للنظام فيه وتقعان تحت قصف عنيف من جيش الفتح، وبين مدينة الزبداني وما حولها من قرى وبلدات. إذ يقترح الإيرانيون تبادلاً كاملاً بين السكان، وإحلالا، ليصبح الريف الغربي الشمالي لدمشق (المجاور لنفوذ حزب الله على الحدود اللبنانية) بيد النظام وإيران وحزب الله، بينما محافظة إدلب كاملة بيد القوى السُنّية. ولذلك اشتدت الحملة العسكرية على دوما، ما أدى إلى مذبحة حقيقية في هذه البلدة أول من أمس، ذهب ضحيتها قرابة مائة شخص أغلبهم من الأطفال والنساء.
المفاوضات لم تنجح إلى الآن. لكن الغريب، وفقاً للتسريبات، أنّ الإيرانيين وافقوا على إطلاق سراح قرابة 40 ألف معتقل من السجون السورية مقابل عملية تفريغ الزبداني من السكان تماماً، وتسكين الشيعة (من الفوعة وكفريا) هناك، ما يشي بأنّ الإيرانيين أيقنوا تماماً أنّ الحسم العسكري الكامل في سورية أمر مستحيل، فاستبدلوه بالحسم العسكري الجزئي؛ أي في المناطق التي سيسيطر عليها النظام في المرحلة المقبلة، بعد إعادة الانتشار والتمركز.
صحيح أنّ سورية قابلة للتفجير (بسبب التداخل الطائفي والديمغرافي الكبير فيها)، وليس للتقسيم كما هي حال العراق. لكن من الواضح أنّ هناك مشروعاً إيرانياً لإعادة توزيع الجغرافيا والديمغرافيا في كلا البلدين، لإبقاء الهيمنة والنفوذ من ناحية، والتخلّص من عبء السكان السُنّة والتعامل معهم من ناحية أخرى.
وفي الوقت الذي وشى فيه رئيس هيئة الأركان بالرؤية الأميركية الحقيقية لمستقبل العراق، فإنّ بعض الوثائق التي كشف عنها (في شهر أيار (مايو) هذا العام)، مثل تقرير الاستخبارات الأميركية 2012، يتحدث عن إقامة إمارة سلفية شرق سورية!
هل سيكون للصفقات والحوارات الدولية والإقليمية الجارية الآن رأي آخر في مستقبل العراق وسورية، أم أنّ التقسيم أصبح أمراً واقعاً، وربما تتساوق بعض الأجندات الدولية والإقليمية معه، فلن يكون هناك عراق أو سورية؟!
ثمّة تسارع كبير في المسارات العسكرية والدبلوماسية، ومن الواضح أنّ معالم المخاض الحالي ستكون وشيكة!
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو