للأردن مصالح كبيرة ومتشابكة مع العراق، لكنه رغم ذلك أقل اللاعبين الإقليميين تأثيرا في الساحة السياسة العراقية. ربما يكون هذا من حسن حظه، فمن يضع أصابعه في اللعبة العراقية القاتلة لن يسلم من نيرانها.
إيران وتركيا والسعودية وسورية، في قلب المشكلة. من يدعم حكومة المالكي يتعين عليه أن يستعد لتقديم المساعدة؛ إيران دخلت فعليا في المواجهة الميدانية، وتركيا التي تخشى خطر الحرب الطائفية، لن تقف متفرجة على ولادة كيان كردي في جوارها. أما السعودية الكارهة للمالكي وحكومته، فلا يمكنها التخلي عن مساعدة القوى التي دعمتها من قبل لإسقاط حكمه.
سورية ستدفع الثمن غاليا؛ خسارة حليف موثوق في بغداد، وقوة دفع كبيرة للمعارضة المتطرفة التي غنمت أسلحة نوعية نقلتها على الفور إلى الأراضي السورية، تمهيدا لاستخدامها في الحرب ضد نظام الأسد.
لن يسلّم التحالف الإيراني السوري واللبناني 'حزب الله' بالنتيجة وسيضطر لخوض المعركة في بغداد، تماما مثلما يخوضها في دمشق.
السعودية لن يهون عليها خسارة النصر على المالكي حتى لو كان المستفيد 'داعش'، ستدخل على الخط، وإلى جانبها دول خليجية أخرى.
تركيا لن تقف متفرجة فترة طويلة، خاصة إذا تمادى الكرد في طموحاتهم، وفاض صراع العراق خارج حدوده.
الأردن كان بمنأى عن هذه التجاذبات، تعامل بواقعية مع الحالة السياسية في العراق؛ انفتح على حكومة المالكي، رغم المحاذير، ولم يقطع علاقاته مع المكون السني العراقي. لم يبخل في التعاون الاستخباري فيما تعلق بخطر المتشددين مع جميع الأطراف، لحماية أمنه الوطني، وقد فعل الأمر ذاته مع أطراف المعادلة السورية أيضا.
التطورات الجارية في العراق حاليا مقلقة وخطيرة بالنسبة للأردن، لكن مقاربته حيالها لاتتخطى حدوده. كل ما يمكن أن يفعله هو تعزيز قدراته العسكرية والأمنية تحسبا من مفاجآت قادمة من الشرق، وقطع الطريق على أية محاولة من طرف المتطرفين لإنشاء 'باب دوار' على المثلث الحدودي مع العراق وسورية.
لاشك أن العبء ثقيل في المرحلة المقبلة؛ جبهتان مفتوحتان في نفس الوقت مسألة ليست سهلة على بلد شحيح الموارد، ويرزح تحت ضغط اللجوء السوري الكثيف.
الحقيقة أن الجاري في العراق وسورية اليوم، لم يكن مفاجئا للمسؤولين الأردنيين. لكنه كان السيناريو 'الكابوس' على حد وصف مسؤول أردني رفيع المستوى رسم بخط يده على ورقه قبل سنتين تقريبا حدود دولة 'داعش' الممتدة من سورية إلى العراق. وتساءل يومها: 'دولة كهذه، محاصرة من الغرب والشمال بكيانات طائفية معادية، بأي اتجاه ستتمدد غير الشرق'.
هنا بالفعل يكمن الخطر، فإذا ما كتب لهذا السيناريو أن يتحقق، فإن الأردن سيجد نفسه في وضع جيوسياسي خطير، يستدعي تغييرا جوهريا في مقاربته الأمنية والسياسية.
ماذا بوسع الأردن أن يفعل حينها؟ سؤال يتطلب حوارا استراتيجيا عميقا منذ الآن من جانب مركز القرار، ونخب الدولة وساستها. حوار له الأولوية على سواه من ترهات السياسة اليومية، ومناكفات الساسة، وصراعاتهم على الغنائم الصغيرة. في بلدنا كومة من المشاكل الداخلية، لكن المخاطر القادمة تستدعي الارتقاء بسوية النقاش الوطني لمستوى التحديات الخارجية.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو