ماذا حدث في مصر؟

انقسم المعلقون إلى فريقين فيما يتعلق بمناقشة ما إذا كان ما حدث في مصر ثورة أم انقلاب. وكان من الطبيعي أن يجد كل من الفريقين مؤشرات ودلائل تؤكد وجهة ، نظره ، ذلك إن ما حدث في مصر تلتقي فيه خصائص الثورة الشعبية والانقلاب العسكري.اضافة اعلان

الخلاف الحقيقي ليس من الناحية الفنية أو الاعتبارات الإكاديمية ، فأنصار الإخوان المسلمين يتمسكون بخصائص الانقلاب العسكري ، في حين أن خصومهم يؤكدون أن ما حدث هو ثورة شعبية كاسحة.
في وقت سابق قال محمد حسنين هيكل إن ما حدث في مصر عام 1952 هو انقلاب انضم إليه الشعب فيما بعد ، ويبدو أن ما حدث في مصر الآن هو ثورة شعبية انضم إليها الجيش ، ولكن ليس قبل أن يعطي إنذارات كافية لحل المشكلة بين السياسيين بدون تدخل الجيش.
سواء كان ما حدث في مصر ثورة أم انقلاب ، فإننا الآن أمام أمر واقع ، ولا يستطيع أحد إعادة عقارب الساعة إلى الوراء.
كررنا كثيرأً عبارة (ما حدث في مصر) مع إن ما حدث لا يقف عند حدود مصر ، فهو يشكل نقطة تحول تاريخية في العالم العربي بأسره ، ليس فقط لأن مصر دولة قيادية تقرر الاتجاه العربي العام ، بل أيضاً لأن ما حدث يقلب موازين وتوجهات إقليمية كانت سائدة.
كان محل الإجماع أن الحركات الإسلامية في حالة صعود ، وأنها تسلمت الحكم في عدد من الدول العربية واصبحت مرشحة لاستلام الحكم في باقي الدول ، لدرجة أن جيمع الأنظمة العربية أخذت تعتبر الإخوان المسلمين الخطر الأول عليها.
هذا التيار شبه الجارف كان يتمتع بقدر من المصداقية ، ليس فقط اعتمادأً على حقيقة أن الإخوان قوة تصويتيه ، وأنهم الجماعة الوحيدة ذات التنظيم الحديدي الذي يستطيع تحريك أعضائه وأنصاره كالأرقام ، لأنهم ربوا على أساس السمع والطاعـة ، بل أيضاً لأن أسلمة الحكم في المنطقة حظي بدعم صريح من الجانب الأميركي ، الذي مد جسورة إلى منظمات الإخوان المسلمين في كل بلد عربي ، وحصل منهم على ضمانات صريحة أو ضمنية فيما يتعلق بالعلاقات مع إسرائيل والمصالح الأميركية في المنطقة ومحاربة الإرهاب ، كما أصبحت لقاءات قادة الإخوان مع الجانب الأميركي مشهدأً عادياً ، سواء في السفارات الأميركية أو في اميركا نفسها.
ما حدث في مصر قلب الموازين وأوجب إعادة النظر في كل شيء ، وقد ترددت أميركا كثيراً قبل أن تعترف بالأمر الواقع وتبدي استعدادها لقبوله والتعامل معه فيما يعتبر فسخأً للخطوية العرفية بينها وبين الإخوان قبل أن يتم الزواج العرفي.