الخميس 2024-12-12 08:26 ص
 

ما بعد الحرب أصعب بكثير

12:51 م

نريد ان نضع افتراضا، يقول إن الحرب في العراق وسوريا، سوف تتوقف، كليا، وسوف ينهزم الارهاب، وتخرج كل الجماعات المسلحة، من كل الانواع والتصنيفات، ونسأل عبر الافتراض سؤالا يتعلق بإعادة الاعمار في البلدين؟!.اضافة اعلان

مناسبة السؤال، ترتبط بهذا التبسيط، لسيناريوهات مابعد وقف الحرب، في البلدين، فالعراق مثلا، ومنذ سقوط نظام صدام حسين، يعاني على صعيد ملف اعادة الاعمار، برغم ثراء العراق الطبيعي، ومازالت مدن العراق حتى اليوم، تعاني على مستوى الخدمات والكهرباء، وبقية القضايا، فيما ديون العراق الرسمية، وصلت مبالغ فلكية، لايصدقها احد.
معنى الكلام، ان العراق الغني، لم يستطع حتى الان، بسبب ظروف متراكمة، بداية من الحرب العراقية الايرانية، مرورا باحتلال الكويت، وصولا الى الحصار، ثم سقوط نظام صدام حسين، وماتلا ذلك من مشاكل امنية وسياسية واقتصادية، ان ينفذ خطط اعادة الاعمار بشكل صحيح، ولا يزال العراق عالقا امام هذا الملف، حتى يومنا هذا، لاعتبارات كثيرة.
في القصة السورية، تبدو الحالة، اكثر تعقيدا، والكلام العاطفي، عن اعادة اعمار سوريا، في حال وقف الحرب، لايمكن تحويله الى واقع ببساطة، فسوريا التي لم تكن تحمل اي ديون داخلية او خارجية، ستخرج من حرب، دمرت كل مواردها، وهناك مئات الاف البيوت المهدومة كليا وجزئيا، ورأسمال قطاعات كثيرة، تسرب الى الخارج، هذا اضافة الى ان موارد سوريا الطبيعية اقل من العراق، وهذا يعني ان مشكلتنا تكاد تكون واحدة في العراق وسوريا، اي ان العقدة الكبرى، تبرز ما بعد انتهاء الظروف الامنية، وليس خلالها فقط.
كل تعهدات المجتمع الدولي، بدعم اعادة الاعمار، في العراق، او سوريا لاحقا، لاتغير من الواقع شيئا، فهي تعهدات مهما بلغت، تبقى محدودة، وتحتاج الدولتان الى مئات المليارات، لاستعادة نمط الحياة القديم، وليس لتأسيس نمط جديد، فمن اين ستؤمن هذه الدول، هذه الموارد، وكيف ستنفقها، ومن اين سوف تبدأ؟!.
الكلام على عموميته، يطرح قضية اخرى، اذ امامنا نماذج لدول في العالم خرجت من حروب كونية، واستطاعت خلال عقود، ان تتحول الى دول اساسية في هذا العالم، مثل اليابان والمانيا، مثلا، وهذا يعني ان النهوض ممكن، لكن من المستحيل ان يكون هذا النهوض بذات الذهنية القديمة، وبذات الوسائل والادوات.
لا احد في العالم العربي، يصدق ان بإمكاننا ان نتحول الى دول اساسية في العالم، وبما ان الامر كذلك، فإن مهمتنا الاولى، ان نعترف بأن التدمير الذي حصل في العراق وسوريا، ترك اثرا خطيرا، على البنية الاجتماعية- الاقتصادية، ولعل المشهد المذهل، الذي سنراه، يرتبط بالحقيقة التي تقول، إن مابعد الحرب، أصعب من ذات الحرب.
سنصحو ذات لحظة، ونرى بأم اعيننا، أن أخطر مهمة تواجهنا، هي اعادة الاعمار، سواء على المستوى الاقتصادي، او على مستوى ترميم الهوية الجمعية، والارجح ان قوى كثيرة في العالم، لا تريد لهاتين الدولتين، حصرا، ان تنهضا مجددا، ولو كانت هذه النية متوافرة اساسا، ما تم السماح، بتدميرهما على مستويات كثيرة.
 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة