الوكيل - عاشت إسكتلندا امس أطول يوم في تاريخها في الاستفتاء على مستقبلها، لتصبح مستقلة ام تبقى في كنف المملكة المتحدة(بريطانيا واسكتلندا وويلز وأيرلندا الشمالية)، أو الاستقلال عنها، وهو الاستفتاء الثالث في تاريخ هذا البلد. وعلى الرغم من أن استطلاعات الرأي تشير إلى فوز أنصار 'لا' للاستقلال، يتوقع أن تحصل اسكتلندا مع ذلك على صلاحيات سياسية واقتصادية مستقلة وواسعة مما تتمتع به اليوم.
فبعد أكثر من ثلاثة قرون من العيش في كنف بريطانيا العظمى، اختار سكان اسكتلندا أمس بين بقائهم في كنف المملكة أو الاستقلال عنها في استفتاء شعبي قد يغير هيكلية الاتحاد الأوروبي.
اسكتلندا
يقع هذا البلد الصغير شمال انجلترا وهو يمثل ثلث مساحة المملكة المتحدة. يعيش فيه أكثر من خمسة ملايين نسمة. تعرف اسكتلندا بمساحاتها الشاسعة وبثرواتها النفطية المتواجدة في البحر وبسواحلها الغنية بالثروة السمكية. كما يعتمد هذا البلد في اقتصاده على الخدمات والبنوك وعلى إنتاج ' الويسكي' وتصديره إلى العالم حسب 'بي بي سي'. ورغم النمو الاقتصادي الذي عرفته إسكتلندا في الآونة الأخيرة، إلا أن نسبة البطالة ما تزال تطال ستة بالمائة من المواطنين.
هل هو الاستفتاء الأول الذي تنظمه اسكتلندا من أجل استقلالها؟
قصة اسكتلندا مع الاستفتاءات ليست قصة جديدة. الفكرة تبلورت في الستينيات مع تطور النزعة القومية لدى الإيرلنديين. فازدادت حدة النزعة القومية عند هذا الشعب في السبعينيات والثمانينيات جراء الإصلاحات السياسة والاقتصادية الصعبة التي قامت بها رئيسة الحكومة الراحلة مارغريت تاتشر والتي تسببت في غلق العديد من الشركات في قطاعات المناجم وبناء السفن... وظهور أول المشاكل المتعلقة بالبطالة.
وأمام تردي الوضع الاقتصادي، تم تنظيم أول استفتاء شعبي في 1979 شارك فيه 79 بالمائة من الاسكتلنديين تم بموجبه إنشاء جمعية وطنية محلية. في 1997 تم تنظيم استفتاء ثاني مكن اسكتلندا من العيش في إطار استقلال ذاتي مع صلاحيات واسعة في عدة مجالات، مثل الصحة والتعليم والقضاء...
في 2007، تمكن الحزب الوطني الاسكتلندي الذي فاز بالانتخابات التشريعية من تشكيل أول حكومة مستقلة في تاريخ هذا البلد. فيما عزز صدارته في العام 2011 حيث فاز بـ69 مقعدا من أصل 129 في برلمان اسكتلندا المحلي.
ويهدف الاستفتاء الثالث الذي نظم أمس الخميس على الإجابة على السؤال التالي :'هل ينبغي أن تتحول اسكتلندا إلى بلد مستقل؟'
مبررات أنصار الاستقلال
يرى أنصار 'نعم' أن استقلال اسكتلندا سينهي سنوات التبعية السياسية لنظام بريطاني محافظ في حين تميل أغلبية شعب اسكتلندا إلى اليسار. من جهة أخرى، التصويت 'بنعم' سيسمح لشعب إسكتلندا أن يحافظ على نظامه الصحي الخاص ،المهدد من قوانين لندن ، وعلى منظومته التربوية، لا سيما مبدأ التعليم المجاني في الجامعات في وقت تتطلب الدراسة في الجامعات الإنجليزية أموالا كثيرة.
ووعد ألكس سالموند، الذي يترأس الحزب الوطني الاسكتلندي، في الاستثمار في الاقتصاد ' الأخضر' وبمجتمع عادل ومزدهر وفي الانخراط الكلي في الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى رفع القدرة الشرائية للمواطنين بفضل الاستثمارات التي سيقوم بها في مجال النفط.
مبررات المناهضين لاستقلال اسكتلندا
الحملة التي تقوم بها جماعة ' العيش المشترك أفضل لنا' تقول أن اسكتلندا لن تكون قوية إلا في حال بقيت في كنف إنجلترا التي تملك عملة قوية واقتصادا قويا. كما يضيف أنصار الحملة أن إنجلترا تشكل سوقا كبيرة لاسكتلندا، وهي الوحيدة القادرة على استيعاب الكم الهائل من الشباب الاسكتلنديين وانخراطهم في الحياة المهنية.
أحد شعارات الحملة الانتخابية ' العيش سويا أفضل'
من جهته، يضيف كاتب الدولة البريطاني المكلف بشؤون اسكتلندا أن بريطانيا قادرة على حماية اقتصاد اسكتلندا في حال واجهت أزمة مالية نتيجة تدهور محتمل لأسعار النفط.
وكان رئيس الحكومة ديفيد كاميرون ورؤساء الأحزاب السياسية الهامة في إنجلترا قد قاموا برحلة الأسبوع الماضي إلى اسكتلندا لإقناع السكان بعدم التصويت لصالح الاستقلال. ووعد كاميرون بمنح صلاحيات سياسية واقتصادية واسعة أكثر مما عليها اليوم.
من ناحية أخرى، أكد المناهضون لاستقلال اسكتلندا أن في حال اختار هذا البلد الاستقلال نهائيا عن إنجلترا، فلن يسمح له باستخدام عملة 'الجنيه الإسترليني' في المبادلات التجارية. وهذا قد يشكل عائقا في تسيير اقتصاد البلاد. كما هددت أيضا بعض المؤسسات والبنوك الكبرى، التي تأخذ العاصمة أدنبرة مقرا لها، بوقف نشاطاتها في اسكتلندا وتحويل مقراتها التجارية إلى العاصمة لندن.
ماذا يحدث لو اختار الشعب الاسكتلندي الاستقلال؟
السؤال يراود العديد من المحللين السياسيين، ففي حال فاز أنصار ' نعم' للاستقلال، فيجب أن تنتظر اسكتلندا سنة ونصف على الأقل لكي يصبح الاستقلال حقيقة واقعية. فعلى هذا البلد أن يخوض نقاشات شاقة وطويلة بخصوص العملة التي يريد استخدامها وحول مشكل الديون والقواعد العسكرية البريطانية المتواجدة فوق أراضيه، إضافة إلى ملفات أخرى لا تقل أهمية مثل انضمامه إلى الاتحاد الأوروبي وإلى الحلف الأطلسي والمؤسسات السياسية والتجارية العالمية الأخرى.
تأثير 'نعم للاستقلال' على إنجلترا
في حال فاز أنصار الاستقلال، فهذا سيؤثر مباشرة على المستقبل السياسي لديفيد كاميرون . المحللون يتوقعون استقالة حكومته بحجة أنها لم تتمكن من إقناع الاسكتلنديين بالبقاء في كنف بريطانيا. نفس الشيء تقريبا بالنسبة لحزب اليسار( حزب العمال) الذي سيفقد دون شك عددا كبيرا من مناصريه الاسكتلنديين.
الإم تشير نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة؟
مع اقتراب موعد الاستفتاء، أظهرت نتائج استطلاعات الرأي الثلاث تقدما طفيفا للطرف الرافض للاستقلال بحصوله على 52 % من الأصوات مقابل 48 % للطرف المؤيد للاستقلال ولكن بعد حذف الناخبين المترددين الذين ما زالوا يمثلون شريحة كبيرة.
وفي موقف موحد أصدرت الأحزاب البريطانية الثلاثة الكبرى الثلاثاء الماضي بيانا رسميا مشتركا يعد الاسكتلنديين بتوسيع الحكم الذاتي لمنطقتهم في حال صوتوا لرفض الاستقلال.
الصحافة البريطانية أكدت من جانبها أن المفاوضات حول نقل سلطات جديدة إلى إدنبرة ستبدأ غداة التصويت ووفق الجدول الزمني الذي سبق أن أعلنه القادة الثلاثة الأسبوع الماضي بعد تقدم الاستقلاليين في استطلاعات الرأي.
ومن غلاسكو إلى إدنبره، تعين على الناخبين الإجابة على سؤال 'هل يجب أن تصبح اسكتلندا بلدا مستقلا؟'، وبالتالي البت في مستقبل تحالف يعود إلى العام 1707.
وفيما ناشد الحزب الوطني الاسكتلندي ناخبيه بأن لا يفوتوا الفرصة التاريخية لاستقلال بلادهم، أكد رافضو الاستقلال أن مكانة اسكتلندا أفضل ضمن اتحاد المملكة المتحدة كقوة لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية.
الجدل على أشده في أطراف المملكة المتحدة بشأن انفصال اسكتلندا عن اتحاد المملكة المتحدة أو بقائها ضمن وحدة الأراضي البريطانية.
أنصار معسكري الانفصال والحفاظ على الوحدة يحشدون التأييد لحملاتهم وصلت إلى حد الترغيب والترهيب مع تناقص الساعات والدقائق على الاستفتاء التاريخي.
وقال رجل من الشارع، معلقاً 'أودّ أن تتخذ اسكتلندا قراراتها بنفسها من دون عودتها للندن في كل أمور البلد، بما فيها القرارات الاقتصادية والسياسية'.
ومن جهتها، قالت سيدة، إنه 'من الصعب حشد الدعم لحملة 'لا' مقارنة بحملة 'نعم'، فالأمر يتعلق بمستقبل اسكتلندا ونحن نؤمن بهذه العلاقة التاريخية القوية التي تربطنا معا منذ زمن بعيد'.
حلم على خطى آدم سميث
حلم الانفصاليين بزعامة رئيس الحكومة الاسكتلندية أليكس سالموند ركزت على إيجابية الاستقلال وإدارة الاسكتلنديين شؤون بلادهم من دون تأثير من الحكومة المركزية، لكن إصرار سالموند على استخدام الجنيه الإسترليني حتى بعد الاستقلال، وتأكيد لندن التخلي عن تداوله في البلاد في حال ترك اسكتلندا ما يوفره الاتحاد من عوامل القوة السياسية والاقتصادية لأقاليم الأعضاء.
ويرى دانيال كينيلي (نائب مدير قسم السياسيات الحكومية في جامعة إدنبره)، أن 'هناك انتقادات كثيرة في الأيام الأخيرة من الحملة وخصوصا من قبل معسكر الحفاظ على الاتحاد مع المملكة المتحدة، ولم يستطع جلب ممن لم يحسم أمره في الاستفتاء.. ومهما تكون النتيجة فإن كلا المعسكرين سيراجعون نهج حملتهما للوقوف عن الأخطاء التي ارتكبوها'.
ويأتي تحسين الوضع الاقتصادي في اسكتلندا ووضعية السكان، على رأس أوليات الناخبين، وقد يكون هذان العاملان أساسيين في ترجيح كفة المنادين بالحفاظ على وحدة المملكة المتحدة.
وينظر إلى أشهر أبناء اسكتلندا آدم سميث على أنه رائد الليبرالية الاقتصادية القائمة على حرية كاملة لكل أفراد المجتمع في تعاملاتهم الاقتصادية للازدهار والرفاهية.
ويتخذ أليكس سالموند مرجعيته الفكرية من أب الاقتصاد الحديث الاسكتلندي آدم سميث، ويردد مراراً إحدى مقولاته بأنه لا يمكن لأي مجتمع أن يزدهر ويكون سعيدا إذا لم يستفد أفراده من ثروات بلادهم .
لكن مساعي سالمون قد تصطدم بواقع الناخب الاسكتلندي، الذي عادة ما يصوت من أجل جيبه، أو بدء تفكك أقاليم بريطانيا في حال انفصال اسكتلندا خصوصاً، واستطلاعات الرأي متقاربة جدا.
ومن المتوقع أن تصل نسبة المشاركة إلى مستوى قياسي يقدر بسبعة وتسعين في المئة من إجمالي من يحق لهم التصويت.
كما سيسمح لمن هم في السادسة عشرة من العمر بالتصويت وذلك للمرة الأولى في تاريخ بريطانيا.
ويبلغ عدد مراكز الاقتراع أكثر من ألفي مراكز تصويت عبر مختلف مناطق البلاد لاستقبال المشاركين في التوصيت الذي سينتهي في العاشرة ليلا من اليوم الخميس.
ومن المتوقع أن تعلن نتائج الاستفتاء في ساعة مبكرة من صباح اليوم الجمعة.
وسيتم فرز الأصوات في اسكتلندا، بما فيها مشاركة المصوتين عبر البريد، والذي بلغ عددهم رقما قياسيا في تاريخ اسكتلندا.
بعد التأكد من فرز الأصوات وحسابها، يرسل المشرف على الفرز في كل مركز نتائجه إلى المشرفة العامة ماري بيتكيثلي في إدنبره. وعندما تكتمل نتائج جميع المراكز، تعلن بيتكيثلي عن نتائج الاستفتاء.
وقالت المشرفة العامة على عملية التصويت إنها ستعلن النتائج النهائية صباح الجمعة، ما بين السادسة والنصف والسابعة والنصف.
وكانت نتائج الانتخابات البرلمانية البريطانية عام 2010 ونتائج انتخابات برلمان اسكتلندا عام 2011 أعلنت في التوقيت نفسه.
ولكن النتائج غير النهائية ستعلن في وقت مبكر من الجمعة.
ونظر لعدد المسجلين الكبير والذي تجاوز الأربعة ملايين، اتخذت الهيئة المشرفة على الاستفتاء إجراءات لتجنب الطوابير الطويلة أمام مكاتب التصويت.
ويتوقع أن يتسبب سوء الأحوال الجوية في تأخر وصول صناديق الاقتراع من المناطق النائية، وبالتالي تأخر الإعلان عن النتائج. - (وكالات)
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو