الأحد 2024-12-15 11:16 م
 

معالم القوة الداخلية

07:29 ص

تغيرت أدوات القوة التي تملكها الحكومات في العصر الحاضر على صعيد ضبط الإيقاع الشعبي داخل حدود أرضها وسيادتها، فبعد أن كانت في الأيام الغابرة تقوم على حجب المعلومات والاستئثار بها بعيداً عن تداولها في الشارع العام، وامتلاك القدرة على تسريب ما تريد والاحتفاظ بما تريد، من أجل فرض ما تريد من السياسات وتمرير ما ترغب من القرارت، بالإضافة إلى إحكام السيطرة على وسائل الإعلام المتاحة لتكون أداة محتكرة في خدمة رؤية أصحاب السلطة، وحرمان الخصوم ومن يخالفهم الرأي من توصيل آرائهم وبيان وجهة نظرهم بغض النظر عن حظها من الصواب والاقتراب من الحق.

اضافة اعلان


ينبغي أن تعلم الحكومات في القرن الواحد والعشرين وكل أصحاب السلطة في كل بقاع الأرض أن هناك تغيراً كبيراً قد طرأ على هذه المعادلة، ولم تعد السلطات الحاكمة قادرة على حجب المعلومة، ولم يعد بمقدورها احتكار وسائل الإعلام والاتصال مع الجمهور، مما يقتضي حتماً وبشكل قاطع ضرورة الانتقال نحو امتلاك أدوات القوة الجديدة والوسائل الأكثر فاعلية في ضبط إيقاع الجماهير وحركة الشعوب الداخلية وتفاعلها مع قرارات أصحاب السلطة وتنفيذها وتطبيقها ومناقشتها، والتعامل مع آثارها.


المسلك الذكي للحكومات الباحثة عن وسائل القوة الفاعلة في ضبط شعوبها وضبط التزامها بالقرارات والسياسات والتعليمات هو الشفافية التامة في التعامل مع المعلومات المتاحة، والمصداقية الكاملة في عملية تحقيق الاستقرار الجمعي، وتنظيم المصالح المشتركة وخاصة فيما يتعلق بالمال والضرائب، وضبط واردات الدولة ونفقاتها، فكلما اقتربت الحكومات من العلانية والشفافية والمصداقية كلما كانت أقرب إلى صناعة الثقة المطلوبة بين الشعوب والحكومات، والتي تحول دون الفوضى والاضطراب، وتحول دون التأثير على الرأي العام بطريقة سلبية تلحق الضرر بالمسيرة العامة.


ورقة القوة الأخرى تتمثل بالذهاب إلى الخيارات الديمقراطية في عمليات اختيار الحكومات وفرق التنفيذ، من أجل تمكين الشعب من ممارسة سلطته المشروعة في الاختيار والرقابة والتقويم، مما يجعل الشعب شريكاً أساسياً في تحمل المسؤولية الكاملة، وهو المسار الوحيد الذي يؤدي إلى التحسين والتطوير المطلوب في أشكال إدارة التجمعات البشرية، وكذلك اتقان عملية البحث الجمعي عن الكفاءات والقدرات المختزنة لدية.


هناك ورقة قوة أخرى تستطيع الحكومات امتلاكها وتمكنها من عمليات التظيم والضبط الجماهيري، تتمثل في القدرة على إرساء العدالة، وبسط سيادة القانون القائمة على أساس المواطنة أولاً، وأساس المساواة في الحقوق والواجبات، وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين على حد سواء.


فإذا استطاعت الحكومات أن تجمع بين الوسائل الديمقراطية والعدالة وسيادة القانون، والشفافية التامة، فقد امتلكت أعظم أوراق القوة التي تؤهلها للبناء والاستمرار.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة