مفاجآت الانتخابات الفرنسية

خلاصة التحليلات المتداولة لنتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت في فرنسا مؤخراً هي ان الرأي العام الفرنسي انفض من حول الأحزاب التقليدية الرئيسية التي كانت تتناوب على الحكم ، أي ان الشعب الفرنسي صوت ضد المؤسسة الرسمية تماماً كما حدث في أميركا.اضافة اعلان


ما حدث في فرنسا يشبه ما حدث في بلدان الربيع العربي ، فالقوى الفاعلة هنا وهناك تعرف ماذا ترفض ، ولكنها لا تعرف ماذا تقبل. تعرف من يجب إسقاطه ، ولا تعرف من يجب أن يحل محله.

في فرنسا تم إسقاط الحزب الجمهوري اليميني المعتدل- حزب ديجول ، كما تم إسقاط الحزب الاشتراكي اليساري المعتدل – حزب متيران ولم يختر الناخب حزباً جديداً ، بل اختار شاباً لطيفاً في نهاية الثلاثينات من عمره.

هناك إجماع على أن ماكرون سيفوز في الدورة الانتخابية الثانية ، ليس حباً به بل نكاية بالبديل المتطرف أو خوفاً منه علماً بأن ماكرون هذا لن يستطيع أن يحكم ، فليس لديه ممثلون في مجلسي النواب والشيوخ ، وبالتالي لا يستطيع تمرير قوانين وقرارات وسياسات هامة.

في المقابل حصلت ممثلة اليمين المتطرف لوبان على دفعة كبيرة للأمام عندما انتقلت إلى الدورة الثانية ، وحصلت من الأصوات على أكثر مما حصلت عليه أحزاب اليمين واليسار التقليدية.

ومع أن فرصتها في الفوز بالرئاسة شبه معدومة ، فإنها سجلت نجاحاً في المرحلة الأولى واحتلت الموقع الثاني بين احد عشر مرشحاً وصار لها رأي يؤخذ مأخذ الجد.

أما في الدورة الثانية فإن الانتخابات سوف تدور حول حجم خسارة اليمين المتطرف ، باعتبار أن حصول لوبين على 30% أو أكثر من الاصوات سيعتبر انتصاراً لها وللاتجاه الذي تمثله ، ويجعلها فاعلاً هاماً في إقرار اتجاهات فرنسا المستقبلية.

هناك انتخابات هامة قادمة في ألمانيا وإيطاليا ، حيث ينتظر المراقبون نتائجها باهتمام وإن كانوا لا يتوقعون مفاجآت كالتي حدثت في أميركا وفرنسا ، فالتطرف ليس وارداً في ألمانيا وإيطاليا لأن تهمة النازية والفاشية جاهزة ، وما زالت حية في الأذهان.

من الطريف في المقارنة بين ماكرون رمز الاعتدال ، ولوبان رمز التطرف ، أن الاول يمثل الاتجاه الوطني وأن الثانية تمثل الاتجاه القومي ، أي أنهم يساوون بين القومية والتعصب العرقي ورفض الآخر.

في العالم العربي الفرق ليس شاسعاً بين الوطنية والقومية ، وإن كان الدارج نسبة الوطنية إلى الدولة القطرية ، ونسبة القومية إلى الأمة العربية.