من المحروقات إلى الكهرباء وبالعكس

في حكومته السابقة، لم يكن الدكتور عبدالله النسور محظوظأً عندما وجد نفسه ضمن معطيات تفرض عليه رفع أسعار المحروقات، التزاماً بالبرنامج العابر للحكومات الذي ورثته حكومته، ولكن دولاب الحظ متحرك، وهو الآن محظوظ في حكومته البرلمانية، حيث انخفض سعر برميل البترول عالمياً في آذار إلى ما دون مستوى 110 دولارات، مما سمح بتخفيض أسعار المحروقات في نيسان بحيث تعود إلى ما كانت عليه قبل الرفع الأخير او إلى مستوى قريب منه.اضافة اعلان

أما وقد هبط سعر البرميل في نيسان إلى مستوى 100 دولار، وربما يبقى هناك كما يتوقع بعض المحللين، فلن يحدث تخفيض في الأسعار المحلية فقط، بل قد يتم إلغاء الدعم النقدي، حيث لا يبقى له مبرر.
من جهة أخرى فإن تخفيض أسعار المحروقات مرتين متواليتين يقوي مركز الحكومة تجاه قرار رفع أسعار الكهرباء في حزيران، ذلك أنه سيتضح للعموم أن الاسعار متحركة، وأن الحكومة ليس لها خيار سوى الاعتراف بهذا التحرك والتكيف معه سلباً وإيجاباً.
يذكر أن حكومة النسور نجحت في إقناع صندوق النقد الدولي، لاعتبارات سياسية واجتماعية بتأجيل رفع تعرفة الكهرباء على كبار المستهلكين من نيسان، كما كان مقرراً من قبل، إلى حزيران لإعطاء الحكومة الجديدة فترة كافية لالتقاط الأنفاس. وكان بمقدور الحكومة أن تعود إلى نفس الموعد السابق، بحيث يتزامن رفع أسعار الكهرباء مع خفض أسعار المحروقات كحزمة واحدة، ولكنها فوتت هذه الفرصة.
المهم أن القرارات الاقتصادية والسياسية اللازمة سوف تؤخذ بعد اليوم في مجلس الوزراء، وتراقب في مجلس النواب، وأن عملية صنع القرار لم تعد تخضع لمزاج الشارع وأصحاب الأصوات العالية، ذلك أن الاحتجاجات الشعبية أيام الجمع أصبحت نوعأً من التقليد الروتيني الذي لا يعني شيئاً، فالدولة لا تدار من شارع المهاجرين أو ساحة النخيل، بل من المؤسسات الدستورية.
خلال الشهور الاخيرة حدث تطور نوعي في مسار الاقتصاد الأردني، إذ بدأت بوادر الانتعاش، وتحسنت معظم المؤشرات الاقتصادية والمالية والنقدية، وتأكد الاستقرار والأمن، وصار واضحأ أن سنة 2013 ستكون أفضل، وأنها ستشهد نموأً اقتصادياً قد يصل إلى 4% بالأسعار الثابتة.
من الأهمية بمكان أن تبني الحكومة الجديدة على ما حققته الحكومة السابقة، وأن تعطي حركة الانتعاش الاقتصادي دفعة إضافية للمحافظة على زخم النمو، ذلك أن السلاح الأمضى في مواجهة الخصوم والانتقادات هو النجاح والإنجازات.