سواء اعلنت صفقة القرن بهدف الموافقة والتوقيع عليها ام لم تعلن، فقد تم المباشرة بتنفيذها فعلا على الارض، وهي بالتالي بحكم الامر الواقع موجودة، ليس فقط كاستحقاق سياسي وانما كاستحقاق تاريخي ايضا.
لكي نفهم ما يجري، ثم ما يمكن ان نفعله للتقليل من خسائرنا ( لاحظ انني لا اتحدث عن منع تمريرها باعتبار الاوان فات ) لا بد ان نعود للتاريخ، وتحديدا منذ مئة سنة على الاقل، ثم ما جرى من «انفجار» للتاريخ في بلداننا العربية قبل نحو 8 سنوات ( الربيع العربي)، وربما منذ 1979 ( كامب ديفيد والثورة الايرانية) لا بد ان نعترف بان هذا الانفجار الذي خرجنا منه - كعرب - مهزومين، لا فرق هنا بين الشعوب والانظمة السياسية، سمح لاسرائيل ومن يقف وراءها بانتهاز هذه الفرصة التاريخية لتتويج نفسها كمنتصر و»شرعنة» مشروعها الذي بدأ التخطيط له منذ اكثر من 100 عام، وهو قائم على التمدد والتوسع بحكم الامر الواقع وبحكم انتهاز الفرصة المتاحة.
من اللافت ان ما يحدث الان من ترتيبات يتزامن مع نهاية الحرب العالمية الاولى (نوفمبر 2018) ولهذه الحرب –بالطبع- كوارثها، سواء بالنسبة لاوروبا والعالم او بالنسبة لعالمنا العربي والاسلامي،اذ زالت فيها خمس امبراطوريات كبرى هي الروسية والالمانية والنمساوية والعثمانية والمجرية، وظهرت دول وايدولوجيات جديدة بدأت صراعاتها حتى انفجرت في الحرب العالمية الثانية ثم امتدت على شكل حرب باردة، وما تزال، لكن ما يهمنا هنا انها اعادت ترسيم خرائطنا من جديد سواء من خلال سايكس بيكو او سان ريمو وصولا الى عصر «الاستعمار» الذي زرع وسط منطقتنا ما يلزم من «قنابل» قابلة للتفجير ابتداء من «الحدود» الى «النخب» وصولاً الى الصراع على «الهويات «والنفط» واسرائيل ايضاً.
على انقاض هذا «الارث» الذي خلفته الحرب الاولى تشكلت بدايات «الوعي» العربي على الذات وعلى الآخر ايضاً، حيث سقوط الخلافة العثمانية، واعادة اقتسام المنطقة بين المنتصرين، وبروز حركات التحرر من الاستعمار، وهذه الاخيرة افضت الى انطلاق مركب «الدولة الوطنية»، لكنها في الحقيقة لم تتمكن من اقامة «الدولة» بالمفهوم الصحيح، وانما افرزت «سلطة» نجحت في بناء «هياكل» للدولة، ثم انقلبت عليها واختزلتها في ممارسة الادارة والحكم من خلال وسائل متعددة ترواحت بين القهر والاستبداد....أو الانقلاب وتدوير «النخب».. فيما ظلت القضية الفلسطينية «الرافعة « الاساسية لحشد الجماهير ودفعهم الى القبول بالواقع كما هو دون تغيير.
بعد مئة عام، اكتشف الانسان العربي ان ابتلاعه لكل الهزائم و الخيبات و المشروعات الفاشلة، واحتماله (لسطوة) الاستبداد و الفساد لم يغير من المعادلات القائمة، لا على صعيد اوضاعه الداخلية، حيث بناء الدولة الوطنية العادلة، ولا على صعيد القضية الفلسطينية التي اعتبرها قضيته الاولى، لقد تراكمت في ذاكرة الانسان العربي منذ ذلك الوقت حيث انهيار الخلافة العثمانية، ثم بروز حركة التحرر ضد الاجنبي، صور هذا الفشل و الاحباط، وظلت تطارده آمال دفينة بالتحرر والاستقلال و الوحدة... لكن النتيجة جاءت بعكس الاتجاه تماما.
من هنا خرج الاستحقاق التاريخي، لتغيير ملامح هذه المنطقة في محاولة لتنصيب «اسرائيل « فاعلا اساسيا (آمرا : ادق)، وكل ما تحتاجه هذه المحاولة، هو تمريرها بالقبول وباقل ما يمكن من ردود افعال، لانه لا يوجد اصلا قوة عربية (اسلامية) موحدة لمواجهتها ( لاحظ ان من يتصدى لها الاردن والفلسطينيون فقط)، وبالتالي فان سؤال الرد المطلوب من العرب يفترض البحث عن صفقة قرن اخرى ( ذكرت تفاصيلها في مقال سابق) اما من الاردن تحديدا فيحتاج الى كلام طويل، يكفي ان اشير على عجل انه ينطلق من مسألتين اثنتين : الاولى تحديد مصادر التهديد وحجمه، ثم البحث عن تحالفات او ظهير سياسي على مستوى الاقليم اولا والعالم ثانيا للاستناد اليه، ناهيك بالطبع عن تمتين الجبهة الداخلية وتوحيد الخطاب العام للدولة باتجاه بوصلة محددة للتعامل مع «الازمة» بمنطق مدروس وعملي ايضا.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو