الوكيل - في أجواء إبداعية راقية، أسدل الستار على فعاليات مهرجان بصمات الدولي الحادي عشر للفنون التشكيلية بسطات، الذي نظمته جمعية بصمات الشاوية ورديغة رعاية الملك محمد السادس.
وشكل هذا المهرجان حسب العديد من المتتبعين والمهتمين، نقطة مضيئة في تاريخ المشهد الثقافي والفني بالمدينة والإقليم والجهة، ومحطة دولية راقية لتعزيز روح المحبة والسلام والتعايش بين مختلف الأجناس والشعوب، وذلك عبر ألوان الفنون التشكيلية التي شكلت من خلال المهرجان خيطا رفيعا بكل ألوان الطيف، التي عكست في صورة فنية بديعة، قيم الفنون الخالدة في ارض المغرب، ارض السلام والتسامح والثقافات الكونية والإنسانية.
تهذيب الذوق الفني والجمالي
وكان من بين أقوى لحظات هذا المهرجان حفل الافتتاح، الذي أشرف عليه والي جهة الشاوية ورديغة بوشعيب المتوكل الذي ارتجل كلمة قوية وعميقة، ابرز فيها أهمية هذا المهرجان الدولي، من حيث فقراته الخصبة والمتنوعة، الداعمة للمواهب الصاعدة وحضوره الدولي الوازن، فضلا عن رهاناته وأهدافه السامية، داعيا مختلف شباب المدينة الى الاستفادة من فقراته وأوراشه، وذلك بهدف امتلاك الشخصية القوية، وتهذيب الذوق الفني والجمالي لديهم، والانخراط في مختلف المبادرات الفنية والثقافية الجادة.
كما شدد على قيمة مثل هذه المهرجانات، ومبادرات فعاليات المجتمع المدني، وذلك مساهمة منها في تحقيق مرامي التنمية المستدامة والتي تعود على المدينة والإقليم والجهة بالخير والنماء، ومزيد من التواصل وتحقيق الرهانات التنموية الكبرى تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.
كما بشر سكان المدينة بميلاد مشروع فني مهم وكبير، والذي تبلغ قيمته 750 مليون سنتيم، ويتعلق الأمر ببناء فضاء فني، ترك للمعنيين اختيار اسم مناسب له، المهم ان يكون فضاء للفنون والمواطنة، وقبلة لشباب المدينة، من اجل صقل مواهبهم وتطويرها، والانخراط في مبادرات وأعمال فنية يوجدها هذا الفضاء الفني والثقافي المتميز، والذي سيضم العديد من المرافق المتميزة.
وشكل حضور أربعين فنانا من خمس عشرة دولة وهي (المغرب، فرنسا، إسبانيا، السعودية، سويسرا، بلجيكا، كندا، أمريكا، تونس، ليبيا، إيطاليا، الجزائر، قطر، العراق، وفلسطين)، تتويجا للدورات السابقة من أجل خلق حوار متبادل حول العلاقات الممكنة بين التشكيل والأجناس التعبيرية الأخرى، من خلال العديد من الفقرات المتنوعة.
معرض دولي كبير بالقصبة الإسماعيلية
وشملت الدورة، تنظيم معرض دولي كبير بفضاء القصبة الاسماعلية ندوات فنية وثقافية من بينها ندوة (المرأة والتشكيل) من تنشيط أحمد بن يسف، عبد الحكيم قرمان وحسن إغلان، ثم (ندوة التشكيل والسينما) بمشاركة محمد شويكة، الحبيب الناصري وابراهيم الحيسن، ولقاء (آثار وبصمات) مع عبد النبي داشين، شفيق الزكاري، أحمد فاسي، بنيونس عميروش وإبراهيم الحيسن.
وبالموازاة مع المعرض الكبير تم بالمناسبة، تنظيم محترفات فنية على شكل أوراش اشرف عليها فنانون مختصون طيلة أيام المهرجان لتبادل الخبرات والتقنيات الفنية، منها ورش لصناعة الورق الذي أطرته الفنانة الفرنسية ماري جان، وورش لفن الزجاج ثم ورش للطباعة بالحرير الذي سيشرف عليه الفنان شفيق الزكاري
كما شهدت الدورة ندوة مهمة حول الفنون التشكيلية والسينما، وهي الندوة الفكرية التي نشطها الدكتور الحبيب الناصرين ومحمد شويكة، وإبراهيم الحيسن الناقد الفني وعلي البزاز.
كما تم بالمناسبة تقديم فيلم وثائقي فلسطيني مغربي بعنوان’ في أحضان حنظلة’ لمخرجه الفلسطيني فائق جرادة، وسيناريو الحبيب الناصري.وهو الفيلم الذي يحكي عن جزء كبير من حياة الفنان التشكيلي الفلسطيني ناجي العلي مبدع شخصية حنظلة الذي اغتالته الأيادي اليهودية.
كما قام المهرجان بتكريم عدد من المبدعين المغاربة والأجانب، ويتلق الامر بعبد الحي الملاخ ولطيفة التيجاني من المغرب ودانييل كوتوريي وميشيل باربو من فرنسا، مع إقامة حفل موسيقي متنوع على شرف الضيوف، احياه الفنان الحاج يونس، ومراد الأسمر، سعيدة شرف وحاتم إدار، ثم سهرة فنية تخليدا لذكرى الراحلة زكية الزوانات، التي كانت مسك الختام.
مساءات متوهجة بسحر الإبداع
وقالت مديرة المهرجان ورئيسة الجمعية الفنان التشكيلية المتميزة ربيعة الشاهد، في كلمة بالمناسبة، ان المهرجان هو لحظة سعيدة في مساء متوهج بالإبداع وبسحر وضياء الفن للاحتفاء سويا، وإشعال الشمعة الـ 11 لمهرجان بصمات، الذي يحظى منذ سنوات عدة بشرف الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس ، وذلك لنضيء بها نبراسا منيرا وضاء نحو المستقبل، والتأكيد على الاستمرار في الإيمان بقوة وحكمة الإبداع.
واكدت على ان هذا المهرجان، الذي اقيم تحت شعار’آثار وبصمات’ يجعل من المدينة جسرا للثتاقف ولوحة خالدة لنسج قيم الحب والتسامح، واشراك سكانها عبر ساحاتها في هذا المحفل الفني الدولي، والذين لا يترددون في تقاسم متعة الفن وهم المتعطشون دائما لسحر الفنون وجماله.
واثنت بالمناسبة على كل المشاركين الذي اختاروا المدينة محجا لإبداعاتهم وفضاء لتواصلهم، مع الجمهور المغربي، موضحة ان اختيار شعار الدورة، ينبع من الايمان بان الفن وثيقة تاريخية تعكس رقي الامم وتراثها وامالها وآلامها وهو بصمة لما يتركه في النفس من احساس الرقي والنبل ورسائل السلم والتقارب بين الشعوب.
ورش تنموية مفتوحة على المستقبل
وشددت على سعي المهرجان طيلة السنوات الماضية على السير في اطار مقاربتين رئيسيتين اولاهما الخروج بالفن من نخبوية المتاحف الى رحمه الحقيقي الذي هو المجتمع والشارع ليكون بذلك فنا تفاعليا وتشاركيا.
من جهة اخرى تحاول اللجنة التنظيمية ـ تضيف الشاهد ـ اعطاء الفن بعدا تنمويا من خلال تشجيع الشباب والأسر في وضعية صعبة، بان يخوضوا هذا الميدان ويتكونوا في مجال الحرف الفنية، وذلك من خلال الورشات المختلفة التي تم الحرص على استمرارها بمركز الفنان احمد بن يسف للفنون.
الموسيقى في بعدها الروحي والإبداعي
وأضافت’ونظرا لإيماننا بان الفن وحدة لا تقبل الانفصام، كانت نظرتنا لبرامج المهرجان تتسم بالانفتاح عبر استحضار الموسيقى في بعدها الروحي والابداعي، والشعر ودلالاته الإنسانية، فكانت أنشطتنا بابا مفتوحا على جميع الطاقات المبدعة لنفسح لها المجال للتفاعل مع جمهور هذه المدينة الواعدة’.
كما شكرت بالمناسبة كل من ساهم في استمرارية وإنجاح هذه التظاهرة الثقافية والفنية الكبرى، وبخاصة ولاية جهة الشاوية ورديغة في شخص الوالي بوشعيب المتوكل، الذي تابع ويتابع باهتمام هذه التظاهرة الفنية العالمية، مقدما لها كل سبل الدعم والنجاح، فضلا عن العديد من الجهات منها وزارتي الثقافة والصناعة التقليدية ومؤسسة صندوق الإيداع والتدبير، والمجالس الجهوية والإقليمية والبلدية، ومؤسستي(فري بيب) و(ترواسوري مولاي النوري) والعديد من وسائل الاعلام والمستشهرين الذين ساهموا في إنجاح هذه الدورة.
تتويج لتراكم فني دام عشر سنوات
وعن ميزة المهرجان الذي حضرته نخبة من الفنانين والممثلين وعشاق الفنون التشكيلية، من أمثال عبد القادر مطاع، والحسين طلال، وغيرهما، قالت ربيع الشاهد أن أول ما ميز هذه الدورة أنها جاءت تتويجا لتراكم فني دام عشر سنوات، وذلك بتثمين هذا التراكم من خلال توسيع عدد المستفيدين من الورشات التكوينية والزيادة في عدد هذه الورشات التي ستتنوع بين السيراميك وفن الورق وفني الرسم والكاريكاتير والعلاج بالفن، الرسم على الزجاج إضافة لورشة للتوعية البيئية من خلال توظيف النفايات، وهي اوراش اطرها فنانون محترفون مغاربة واجانب.
كما أن ما ميز هذه الدورة هو مكان تنظيمها حيث تم اختيار فضاء القصبة المفتوح لجعل الفن أقرب للجمهور حتى يكون هناك تفاعل أكبر وتحقيق عدد أكبر من الزوار. كما احتفظ المهرجان بنفس الأنشطة التقليدية من موسيقى وشعر، حيث تم توقيع كتاب المايسترو للزجال مصطفى مشبال.
سطات جسر دولي للفنون
واضافت ان المهرجان استطاع أن يجعل من مدينة سطات، جسرا دوليا للفنون حيث حظي المهرجان منذ بداياته ، بمشاركة عربية ودولية مهمة، حيث تم تكريم المملكة العربية السعودية الشقيقة كضيف شرف في الدورة السابقة ، وتستمر المشاركة المكثفة خلال هذه الدورة الحادي عشرة من خلال مشاركة 15 دولة عربية وأوربية وأمريكية، وهي فرصة للتلاقي وتبادل التجارب الفنية والتعارف بين الفنانين، إضافة لتعزيز الثقافي بين المغرب والدول المشاركة ، حيث أصبح لمدينة سطات صداها الدولي من خلال هذا المهرجان.
ولفتت إلى ان متابعة الجمهور للفعاليات كانت مهمة وكبيرة منذ انطلاق الدورة، حيث كعادة الجمهور المغربي وجمهور مدينة سطات، عودنا دائما على الإقبال المستمر على فعاليات مهرجان بصمات الدولي للفنون، لذلك توقعنا أن يكون التفاعل أكبر خاصة وأن المهرجان الذي اقيم بساحة القصبة أي بمركز المدينة والذي وفر فرصة لحضور عدد أكبر من الجمهور من داخل سطات وخارجها، وهذا يعد من أولوياتنا إذ طمحنا لبلوغ سقف مائة ألف زائر. هذا فضلا عن التأكيد على المتابعة المهمة للجمهور في ندوات المهرجان، والمشاركة القوية لشباب المدينة في ورشات المهرجان، والتي كانت مهمة للغاية.
الاعتماد على الإمكانات الذاتية والشركاء
كما شددت على الإجراءات التنظيمية التي أشرفت عليها العديد من اللجان التي عنيت حسب تخصصاتها بمختلف الأنشطة سواء تلك المتعلقة بالجانب التقني حيث تم تصميم الملصقات والدعوات والمطبوعات الخاصة بالمهرجان، أو جانب الإتصال بالفنانين المغاربة والأجانب وتحديد أماكن استقبالهم وإقامتهم إضافة للجنة المعارض التي تتصل بالفنانين المشاركين وتحديد أعمالهم وإسهاماتهم، إضافة للجنة الورشات التي أشرفت على الجانب التكويني والجوانب المتعلقة بالندوات والموائد المستديرة، وبالتالي فنحن اشتغلنا في إطار فريق عمل متكامل وكله تقريبا من المنتمين للجمعية، إذ اعتمدنا أولا على إمكانياتنا الذاتية دون أن نغفل الشركاء الذين ساهموا بشكل فعال في إنجاح هذه التظاهرة والتي يبقى استمرارها رهنا بإسهاماتهم وتعاطفهم مع هذا المشروع الفني والثقافي.
فيض ألوان حطت كالطل كالندى
هكذا كان المهرجان الدولي للفنون التشكيلية بسطات، لوحة تشكيلية، كونية تتناسق فيها الألوان، وتتعانق فيها الأفكار، والمواضيع، بحثا عن المتعة البصرية التي يبتغيها الجمهور والمتلقي في زوايا كل لوحة على حدة، حيث ازدان رواق القصبة الإسماعيلية، بفيض ألوان، حطت كالطل كالندى، ورفرفة الفراش، آتية من بعيد، ثمة في أفق تلك اللوحات، نساء تتحدى المستقبل والمحدود، أزهار بسحر البنفسج تتهادي مزهوة بسحرها الأسطوري، إبداع تجريدي بلون الربيع يسافر في أعماق الروح، انه فلسفة شاعر أو رسام او ساحر، يبدع سحر الألوان بكل سحر الطبيعة فما أروعه من سحر على سحر، مجسمات نحاسية راقية، لأشكال ومخلوقات عجيبة حمامة نحاس، أبدعتها أنامل فنان رقيق فكانت هدية رائعة للوالي المتوكل في الافتتاح، ثمة إذن ابداعات لا يمل منها الخاطر، عجوز تقدم التحية في الصمت كأنها تحكي ألمها رغم البعاد، أسراب فراشات تطير هنا وهناك، حروف هيروغليفية تسامر حلمها في مشهد إبداعي مؤثر، بهجة الألوان تشع من نافذة الحلم، وشيخان يستحضران ذكريات الماضي بلا ملل. كانت ثمة مواضيع مختلفة تبرزها جل اللوحات بذكاء فني نادر، وتقنية محترفة عالية… كان المهرجان، وكانت الفنون التشكيلية بكل ما تحمله الكلمة من معنى أغنية إبداعية وفنية أنشدت موال المحبة والتسامح العالمي فاجتمعت حولها عصافير الكون من مختلف انحاء الكون.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو