السبت 2024-12-14 11:41 ص
 

نتنياهو في «سوتشي» .. الأمر لِـ«مَنْ»؟

07:32 ص

بهبوطه اليوم في مطار مدينة سوتشي الروسية على البحر الأسود، يكون بنيامين نتنياهو قد سجّل رقماً قياسياً في زياراته لروسيا، حيث تحمل هذه الزيارة التي اخذت طابع «الاستعجال» الرقم ستة، ما يمنح جدول اعمالها أهمية اضافية، وبخاصة ان رئيس الحكومة الاسرائيلية يقود بنفسه وفدا أمنيّاً رفيع المستوى، كان بعض اعضائه وبخاصة رئيس جهاز الموساد يوسي كوهين قد زاروا الولايات المتحدة الاميركية ودائما بصفة الاستعجال. كان «كل» اعضاء الوفد من الامنيين والعسكريين وتم استقبالهم اميركياً من قبل الدوائر الاستخبارية الاميركية وبعض لجان الكونغرس وخصوصا اركان البيت الابيض بمن فيهم مبعوث ترمب الموكل «تدبير» صفقة القرن بين الفلسطينيين وحكومة اليمين الفاشي في تل أبيب..غرينبلات.اضافة اعلان


البند «الوحيد» الذي حمله الوفد الامني الاسرائيلي الى واشنطن، كان حثّ الاخيرة على رفض تمرير اي اتفاق لخفض التصعيد او التوتر في اي منطقة سورية وخصوصاً في الجنوب الغربي لسوريا، او الانخراط في اتفاق مع موسكو لتسوية الازمة السورية، ما لم يتم اخراج «القوات الايرانية» من حرس ثوري وميليشيات مرتبطة بها وغيرها ممن تنظر اليهم تل ابيب على انهم يشكلون خطرا عليها، وبخاصة اقترابهم من هضبة الجولان والتأسيس لبنية تحتية استخبارية ولوجستية يمكن ان تُعرِّض امن اسرائيل للخطر.

وسائل الاعلام الاسرائيلية «اجمعت» على فشل الوفد الامني الاسرائيلي في انتزاع موافقة اميركية على الطلب الاسرائيلي، رغم الضغوط التي مارسها هؤلاء الجنرالات بدعم من اللوبيات اليهودية وتلك المتصهينة العاملة في واشنطن، وتحذيرهؤلاء لِأركان البيت الابيض بأنهم «اذا لم ينخرطوا اكبر واكثر حزما واكثر عدوانية، فانهم (اي الاميركيين) سيتركون الشرق الاوسط للايرانيين برعاية روسية» على ما قالت صحيفة يديعوت احرونوت، في معرض تعليقها على «حصيلة» ما حقّقه الوفد العائد من واشنطن.

نتنياهو بمجرد اطلاعه على تقرير وفده الامني، طلب لقاءً «عاجلا» مع الرئيس الروسي، ليبحث معه «التطورات الاخيرة في المنطقة، وخصوصاً القلق الاسرائيلي من اتفاق وقف النار في جنوب سوريا والتموضع الايراني في سوريا» كما جاء في بيان اصدره مكتبه عشية الزيارة القصيرة التي يقوم بها اليوم رئيس الحكومة الاسرائيلية لمنتجع سوتشي، والتي لن تزيد على ساعات معدودات. فهل الطريق مُعبّدة بين تل ابيب وموسكو، كي ينجح نتنياهو المُحاصَر اسرائيلياً بقضايا الفساد والرشوة وخيانة الامانة وتراجع شعبيته والدعوات التي لا تتوقف لاستقالته، في ما فشل في تحقيقه وفده الامني الذي أرسله الى واشنطن؟.

من الحكمة عدم تصديق ان ادارة ترمب ادارت ظهرها لمطالب نتنياهو، في ظل العطف غير المسبوق الذي تُقدِّمه هذه الادارة لاسرائيل والتي يَنظُر اليها ترمب كما معظم اسلافه، بانها «الفيلّا في غابة» والديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، والتي تتعاون معها في مختلف المجالات الامنية والعسكرية والاستخبارية. أما ما تتحدث عنه وسائل الاعلام الاسرائيلية فلا يعدو كونه «مناورة» بهدف تحقيق المزيد من «المكاسب» قبل ان تضع الحرب على سوريا اوزارها، والتي رَغِبت تل ابيب في ان تكون جزءا من اي تفاهمات تتم بين الاطراف الاقليمية والدولية المنخرطة مباشرة في الازمة السورية، والتسريبات التي دأبت الاجهزة الاسرائيلية على بثّها من ان هناك «قبولاً روسياً» بمطالب اسرائيل وغضاً للطرف الروسي عن «الغارات» التي شنتها الطائرات الاسرائيلية على مواقع سورية، فهو امر لم تثبت صحته، بل اندرج في خانة التشويش المتواصل على العلاقات الوطيدة التي تربط دمشق وموسكو والتحالف القائم بينهما على محاربة الارهاب ودحره.

كذلك يهبط نتنياهو في سوتشي على وقع الازمة في العلاقات بين تل ابيب وموسكو، إثر رفض اسرائيل وبولندا وسلوفاكيا وهولندا مشاركة موسكو في ترميم متحف «معتقل سوبيبور» شرق بولندا، الذي أزهق فيه النازيون ارواح مئات الالاف من اليهود وغيرهم من الاسرى الذين تم اقتيادهم من اراضي الدول التي اجتاحتها القوات النازية خلال الحرب العالمية الثانية، ما اضطّر الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا الى وصف ما قامت به اسرائيل من تواطؤ مع الدول التي حرمت روسيا من المشاركة في الترميم بانه «موقف يَتّسِق مع الخيانة التاريخية».

قد يجد نتنياهو استقبالا دافئا من الرئيس الروسي، وقد يصغي اليه السيد بوتين جيدا، لكن المؤشرات وخصوصا الوقائع على الساحة السورية وما يعرفه «الروس» عن التواطؤ الاسرائيلي مع المنظمات الارهابية وخصوصا داعش والنصرة، كفيل بان يعود نتنياهو من سوتشي بـ «خُفيّ حنين» لان «اللعبة انتهت» كما قال السفير الاميركي السابق في دمشق.. روبرت فورد، ولم يعد امام اسرائيل سوى ضخّ المزيد من الاكاذيب والتهديدات والعربدة التي ستُكبَحُ وتُلجَم... طال الزمن ام قَصُر.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة