الخميس 2024-12-12 05:49 ص
 

نزعم حبها ونهدمها

12:11 م

خلال السنوات الماضية كان الحديث حول اعادة تشكيل المنطقة يعتبر لدى البعض استشرافاً للمستقبل، ولدى آخرين نوعاً من التنظير، ولدى فئات اخرى استغراقاً في التشاؤم والاستسلام لعقلية المؤامرة، لكننا منذ ان جاء الربيع العربي (العظيم!!) دخلنا الى شكل جديد لنا في المنطقة العربية.اضافة اعلان

القضية ليست نظريات وفكرا سياسيا او تحليلا ، فالامر يمكن مشاهدته بالعين المجردة ، نبدأ بسوريا التي نعرف جميعا تفاصيل ملفها فهل هي اليوم مثلما كانت عليه قبل اربع سنوات ، وحتى لو انتهت الأزمة بأي حل سياسي او عسكري فهل ستكون سوريا الدولة والمجتمع كما كانت ، وماذا سيفعل الدم الذي سال خلال هذه السنوات في تركيبة الناس ونفوسهم وتقسيماتهم ؟ وماذا ستفعل القوى المتطرفة في جغرافيا سوريا وبنيتها السياسية حتى لو انتهت الازمة ؟!
اما اليمن، فهو اليوم تحت حكم مليشيات الحوثيين، ومناطق تحت حكم القاعدة، والقبائل تتوزع بين الميليشيات وما بقي من الجيش والدولة شبه شكلي ، فهو بلد مقسم حتى وان كان تحت حكم (نظري) لرئيس وحكومة واحدة.
وعلى صورة أسوأ، تظهر ليبيا التي فيها لكل منطقة ميليشيا، فالجميع يقصف الجميع، والدولة تنهار، فالجميع مقاتلون لمصلحة دول وتنظيمات خارج الحدود ، وقد تحتاج سنوات وعقودا حتى تعود الى ما كانت عليه تحت حكم القذافي.
والعراق الذي دخل منذ احتلاله عام 2003 حالة تقسيم وانقسام وفق معيار الطائفة والمذهب والقومية ، هذا العراق اصبحت الميليشيات هي التي تحكم سواء كانت على شكل تنظيمات متطرفة ، او أخرى تخدم احزاباً سياسية ، او تحاول الدفاع عن طائفة مظلومة ومستباحة ، واصبح الحل الاساسي ليس بناء دولة وجيش وطني بل تعزيز حالة الطائفية العسكرية بانشاء مزيد من البنى العسكرية الطائفية ، ولا يملك احد ان يتوقع وصول العراق الى حالة الدولة القادرة على بسط قوتها.
ومصر التي تمثل مركز الثقل في المنطقة ، تدخل ازمة بعد اخرى ، وهي اليوم في حالة استنزاف لجيشها وأمنها في مواجهة تنظيمات متشددة فضلا عن المشكلات الاقتصادية الكبرى التي تعانيها الدولة هناك.
ليست القضية في «الربيع» فقط، بل في البنى الاساسية للدول التي لا تصمد امام المراحل القلقة فكيف لو كان القلق منظماً وموجهاً ومدعوما!!.
وحتى فلسطين التي تدعو «فصائلها».. العرب والمسلمين للوحدة في مواجهة المشروع الصهيوني، فان «المناضلين والمجاهدين» لم يصمدوا في اختبار الوحدة وهي اليوم نموذج «رفيع المستوى» للشقاق والخلافات وحتى الإقتتال.
يقول البعض ان سايكس بيكو جديدة قادمة، لكن ما نقوله ان شكلنا الجديد هو القادم، فيوم سايكس بيكو الاولى لم نكن على درجة الوعي وشكل الدول والاحزاب والتنظير الرسمي والشعبي ولا التعليم ولا كل ما نراه اليوم، وان كانت الأمة عام 1916 معذورة، فهي اليوم شريكة في رسم صورتها الجديدة ، فكلنا ندعي حب اوطاننا ، وبعضنا تحت مبرر هذا الحب يقصفها بالجهل والسلاح والتطرف والانتهازية .
 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة