الجمعة 2024-12-13 03:37 م
 

نصْف الطعام في العالَم «تأكله» صناديق القمامة!

08:18 ص

إنَّ قِلَّة قليلة من العائلات الرأسمالية العالمية تشتري، في زمن الرُّخص الغذائي، جزءاً كبيراً من الطعام، فتَخْتَزِنه، ثمَّ تبيعه، في زمن الغلاء الغذائي، جانِيَةً أرباحاً وحشية من فروق الأسعار (أيْ من الفرق بين سعر الشراء وسعر المبيع). وهذه 'التجارة الوحشية'، والتي فيها يأكل الإنسان لحم أخيه الإنسان، تزاولها بنوك عالمية، على مرأى ومسمع من الدول والحكومات والشعوب؛ وربَّما تُمْلي عليهم مصلحتهم في حماية 'السِّعر الاحتكاري' إطعام 'البحر' أطناناً من الغذاء! اضافة اعلان

لماذا يجوع الناس، ويمرضون، أو يموتون، جوعاً، أو لسوء تغذيةٍ ونقصٍ في الغذاء؟
لماذا يجوع سُدْس البشرية؟
لأنَّهم لا يملكون النقود (الورقية) لشراء الغذاء؛ وهُمْ لا يملكونها؛ لأنَّهم لا يعملون؛ فَمَن لا يَعْمَل (لأنْ لا مكان له في سوق العمل) لا يملك نقوداً، ومن لا يملك نقوداً لا يستطيع الحصول على الطعام.
أمَّا الذي يعمل؛ لكن بأجر أو راتب زهيد، فإنَّ 'نصيب الأسد' من دخله يذهب إلى الطعام (القليل، والسَّيئ النوعية).
وكلَّما تنامت 'حُصَّة الطعام' من الأجر أو الراتب، ازداد عجز الإنسان عن تلبية حاجاته الأخرى، أيْ حاجات إنسان القرن الحادي والعشرين؛ وكلَّما ازداد عجزاً عن تلبيتها اضطَّر إلى إنفاق مزيدٍ من وقته وجهده اليومي في سبيل زيادة دخله؛ فإذا زاده من هذه الطريق لم يبقَ لديه من 'وقت الفراغ'، الذي هو أصل ومنبع ومقياس الحضارة، ما يكفي لتلبية حاجاته الروحية والفكرية والثقافية، التي هي، ولجهة تلبيتها، خير مقياس نقيس به منسوب 'الإنسانية' في الإنسان.
العالَم يجيب عن هذا السؤال وذاك بما يؤكِّد أنَّ السؤال نفسه يتضوَّر جوعاً إلى إجابته، فالجوع يضرب ما يزيد على 1000 مليون إنسان في العالم؛ لأنَّ الحكومات لا تفعل ما يكفي لزيادة الإنتاج الزراعي؛ ولأنَّ مياه الأمطار والرَّي لا تكفي لإطفاء ظمأ الزراعة؛ ولأنَّ المناخ العالمي يتغيَّر بما يعود بالضرر على إنتاج الغذاء العالمي، فالتصحُّر والجفاف، مثلاً، ينموان في استمرار؛ ولأنَّ بعضاً من الغذاء يُحَوَّل إلى وقود؛ ولأنَّ دولاً غنية بالغذاء شرعت تقيِّد صادراتها الغذائية؛ ولأنَّ البشر يتكاثرون وكأنَّهم لم يسمعوا بمالتوس ونظرياته.
هذا بعضٌ من جوابهم عن سؤالٍ ما زال يتضوَّر جوعاً إلى إجابته.
وأحسب أنَّ ما يحتاج إلى تفسير وتعليل مُقْنِعين ومنطقيين هو 'التناقض' الآتي: لدينا نحو بليون جائع؛ مع أنَّ العالم يملك (الآن) من الغذاء أكثر ممَّا يحتاج إليه.
ليس في العالم نقصٌ في الغذاء (أكان من صنع الطبيعة أم من صنع أيادي البشر) حتى نفسِّر وجود بليون جائعٍ على أنَّه عاقبة حتمية لهذا النقص.
ونحن يكفي أن نقرَّ ونعترِف بأنَّ العالم يُنْتِج من الغذاء ما يكفي لإطعام كل البشر، وللقضاء، من ثمَّ، على الجوع العالمي، حتى تنتفي الحاجة لدينا إلى ذِكْر وتعداد وشرح كل تلك الأسباب والحيثيات (على أهميتها في سياق آخر) التي تضمَّنتها الإجابة.
إنَّه 'تناقُض' يمكن أن نصوغه على هيئة 'قانون'، فنقول: كلَّما أنتج العالم مزيداً من الغذاء، ومن 'الفائض الغذائي'، زاد الجوع العالمي، وانضم مزيد من البشر إلى 'جيش الجياع العالمي البليوني'.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة