نقابة المعلمين في الأساس

تتخلص النقابات، ككل مؤسسات المجتمع المدني، من العلاقات مع الحكومة لكي تكون حُرّة في تنظيم منتسبيها، ومراعاة مصالحهم. وفي الأنظمة الديكتاتورية فقط تكون النقابات جزءاً من «المنظمات الشعبية»، التي تشارك باحتفالات النظام وتظاهراته، وبرقيات التأييد «لبطولاته» وأعياده. ونحن في الأردن نعرف حجم النقابات المهنية الأردنية وحرياتها، وانتخاباتها، ونعرف، بالمتابعة، حجم النقابات في الأقطار المجاورة، وحرياتها.اضافة اعلان

لكننا في الحالين لم نفهم اصرار نقابة المعلمين على اعتبار نفسها «حالة حكومية» سلباً حين لجأت إلى الإضرابات للوصول إلى مطالبها، بغض النظر عن أخلاقية إغلاق صفوف التدريس، وإطلاق الطلاب في الشوارع والحارات، وإيجاباً حين تطلب من وزارة التربية تحصيل اشتراكات المعلمين لمصلحة النقابة.. فيما يشبه فرض العضوية على المعلمين. وهذا أيضاً ليس في مفهوم مؤسسات المجتمع المدني. فكل النقابات تحصّل اشتراكاتها من الأعضاء دون تدخل الحكومة، فالأطباء والصيادلة والمستشارين الحقوقيين، والمهندسين لا تقتطع الحكومة من رواتبهم قيمة اشتراكاتهم، أو صناديق تقاعدهم ومن لا يدفع لعضويته أو لصندوق تقاعده يبقى طبيباً أو مهندساً أو صيدلياً أو حقوقياً.. لكن عضويته تكون مجمّدة.
نقابة المعلمين، كانت دائماً موضوعاً شائكاً قبل إقرارها، وفي موسم الربيع العربي تنمّر حزبيون كثيرون في جهاز التربية والتعليم، واستطاعوا انتزاع إقرار حكومي لنقابة المعلمين، وسرعان ما ظهر للعيان خطورة مثل هذا التنظيم، فقد تسرب إلى إدارته حزبيون لا يتورعون عن استخدام النقابة لنشاطاتهم الحزبية، أو استخدام المدارس والطلاب لمطالبهم المالية. والآن تهدّد النقابة وزارة التربية بالإضرابات لإرغامها على خصم الاشتراكات من رواتب المعلمين دون موافقتهم.. فيما يشبه فرض العضوية على من لا يريد أن يكون عضواً.
نتمنى عودة إدارة نقابة المعلمين إلى حدود المعقول، فهي منظمة مجتمع مدني لها طابع التنظيم خارج ميكانيكيات عمل الحكومة.. حرّة، وتطوعية ورافداً من روافد المؤسسة التعليمية في القطاعين العام والخاص، وغير ذلك فلا شيء يمنع من تعديل قانونها لتصبح تابعاً لوزارة التربية والتعليم.